وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، لَكِنْ بِقَيْدِ الْإِشْهَادِ. وَهُوَ الْمَنْصُوصُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَثْرَمِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. وَإِيرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا: يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِجْزَاءِ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُوَاجَهَةُ. وَلِهَذَا قَالَ: فَإِنْ تَرَكَ الطَّلَبَ وَالْإِشْهَادَ لِعَجْزِهِ عَنْهُمَا كَالْمَرِيضِ، وَالْمَحْبُوسِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمَا لَا يَعْجِزَانِ عَنْ مُنَاطَقَةِ أَنْفُسِهِمَا بِالطَّلَبِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ. فَقَالَ: إنْ أَخَّرَهَا يَعْنِي: الْمُطَالَبَةَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْهَا لِغَيْبَةٍ، أَوْ حَبْسٍ، أَوْ مَرَضٍ. فَيَكُونُ عَلَى شُفْعَتِهِ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهَا. انْتَهَى كَلَامُ الْحَارِثِيِّ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَخَّرَهُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ) . يَعْنِي: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَةٌ: بِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي. قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَيَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ بِهَا. ثُمَّ إنْ أَخَّرَ الطَّلَبَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عِنْدَ إمْكَانِهِ، أَوْ لَمْ يَشْهَدْ، لَكِنَّهُ سَارَ فِي طَلَبِهَا: فَعَلَى وَجْهَيْنِ) . شَمَلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ.
إحْدَاهُمَا: أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ حِينَ يَعْلَمُ، وَيُؤَخِّرُ الطَّلَبَ بَعْدَهُ، مَعَ إمْكَانِهِ. فَأَطْلَقَ فِي سُقُوطِ الشُّفْعَةِ بِذَلِكَ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.
إحْدَاهُمَا: لَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ،