الثَّالِثُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا: أَنَّ الْمُعْسِرَ لَوْ طَلَبَ الْحَجْرَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْحَاكِمِ لَا يَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ إلَى ذَلِكَ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ زَادَ دَيْنُهُ عَلَى الْمَالِ وَقِيلَ: أَوْ طَلَبَ الْمُفْلِسُ الْحَجْرَ مِنْ الْحَاكِمِ لَزِمَهُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ طَلَبَهُ الْمُفْلِسُ وَحْدَهُ: احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: بِسُؤَالِهِ فِي وَجْهِهِ.
قَوْلُهُ (وَيَتَعَلَّقُ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ أَحَدُهَا: تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ. فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ. وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ إلَّا بِالْعِتْقِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَكْثَرُ مِنْ مَالِهِ، وَتَصَرَّفَ. فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ. فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ: صَحَّ تَصَرُّفُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَلَوْ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ مَالِهِ، حَتَّى قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ. وَقِيلَ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَحَكَاهُ رِوَايَةً. وَاخْتَارَهُ. وَسَأَلَهُ جَعْفَرٌ: مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: الشَّيْءِ الْيَسِيرِ. وَقَضَاءُ دَيْنِهِ أَوْجَبُ عَلَيْهِ. قُلْت: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ، خُصُوصًا وَقَدْ كَثُرَتْ حِيَلُ النَّاسِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ. وَقَالَ: الْمُفْلِسُ إذَا طَلَبَ الْبَائِعُ مِنْهُ سِلْعَتَهُ الَّتِي يَرْجِعُ بِهَا قَبْلَ الْحَجْرِ: لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ. نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَ نُصُوصٍ، لَكِنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِمُطَالَبَةِ الْبَائِعِ.