الثَّانِيَةُ: يَحْرُمُ عَلَى الْمُعْسِرِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا حَقَّ عَلَيْهِ وَيَتَأَوَّلَ. نَصَّ عَلَيْهِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قُلْت لَوْ قِيلَ بِجَوَازِهِ. إذَا تَحَقَّقَ ظُلْمُ رَبِّ الْحَقِّ لَهُ وَحَبْسُهُ وَمَنْعُهُ مِنْ الْقِيَامِ عَلَى عِيَالِهِ: لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَا يَفِي بِدَيْنِهِ. وَسَأَلَ غُرَمَاؤُهُ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ: لَزِمَهُ إجَابَتُهُمْ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ ضَاقَ مَالُهُ عَنْ دُيُونِهِ، صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَيَأْتِي مَعْنَى ذَلِكَ قَرِيبًا.
تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ " وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَا يَفِي بِدَيْنِهِ " هَكَذَا عِبَارَةُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ لَهُ دُونَ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ حَالٍّ، أَوْ قَدْرِهِ، وَلَا كَسْبَ لَهُ، وَلَا مَا يُنْفِقُ مِنْهُ غَيْرُهُ. أَوْ خِيفَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ.
الثَّانِي: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " فَسَأَلَ غُرَمَاؤُهُ الْحَجْرَ " أَنَّهُ لَوْ سَأَلَهُ الْبَعْضُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ: لَمْ يَلْزَمْهُ إجَابَتُهُمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي، وَجَمَاعَةٍ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ إجَابَتُهُمْ أَيْضًا. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَزِمَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِطَلَبِ غُرَمَائِهِ. وَالْأَصَحُّ: أَوْ بَعْضُهُمْ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا الْأَظْهَرُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ. وَهُوَ الصَّوَابُ.