وَإِنْ كَفَلَا كَفَالَةَ انْفِرَادٍ وَاشْتِرَاكٍ، بِأَنْ قَالَا " كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا كَفِيلٌ لَك بِزَيْدٍ " فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُلْتَزِمٌ لَهُ إحْضَارَهُ، فَلَا يَبْرَأُ بِدُونِهِ، مَا دَامَ الْحَقُّ بَاقِيًا عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ. فَهُوَ كَمَا لَوْ كَفَلَا فِي عَقْدَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ. وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ الْقَاضِي فِي ضَمَانِ الرَّجُلَيْنِ الدَّيْنَ. انْتَهَى.

فَائِدَةٌ:

لَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ: بَرِئَ الِاثْنَانِ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَفَلَ وَاحِدٌ لِاثْنَيْنِ، فَأَبْرَأهُ أَحَدُهُمَا: لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ) . بِلَا نِزَاعٍ.

فَوَائِدُ إحْدَاهَا: يَصِحُّ أَنْ يَكْفُلَ الْكَفِيلُ كَفِيلًا آخَرَ. فَإِنْ بَرِئَ الْأَوَّلُ بَرِئَ الثَّانِي، وَلَا عَكْسَ. وَإِنْ كَفَلَ الثَّانِيَ ثَالِثٌ: بَرِئَ بِبَرَاءَةِ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ، وَلَا عَكْسَ. فَلَوْ كَفَلَ اثْنَانِ وَاحِدًا، وَكَفَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ آخَرُ، فَأَحْضَرَهُ أَحَدُهُمَا بَرِئَ هُوَ وَمَنْ تَكَفَّلَ بِهِ، وَبَقِيَ الْآخَرُ وَمَنْ كَفَلَ بِهِ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ ضَمِنَ اثْنَانِ دَيْنَ رَجُلٍ لِغَرِيمِهِ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا " أَنَا ضَامِنٌ لَك الْأَلْفَ " أَوْ يُطْلِقَ. فَإِنْ قَالَا " كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا ضَامِنٌ لَك الْأَلْفَ " فَهُوَ ضَمَانُ اشْتِرَاكٍ فِي انْفِرَادٍ. فَلَهُ مُطَالَبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْأَلْفِ إنْ شَاءَ. وَلَهُ مُطَالَبَتُهُمَا. وَإِنْ قَضَاهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ. وَإِنْ أَطْلَقَا الضَّمَانَ، بِأَنْ قَالَا " ضَمِنَّا لَك الْأَلْفَ " فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ. فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِحِصَّتِهِ. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْخِلَافِ، وَالْمُصَنِّفِ، وَقَطَعَ بِهِ الشَّارِحُ. وَقِيلَ: كُلُّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ لِلْجَمِيعِ، كَالْأَوَّلِ. نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا. وَكَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015