إذَا مَضَى الْكَفِيلُ لِيُحْضِرَ الْمَكْفُولَ بِهِ، وَتَعَذَّرَ إحْضَارُهُ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مَعَ بَقَائِهِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا.
قَوْلُهُ (وَإِذَا طَالَبَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ بِالْحُضُورِ مُدَّةً: لَزِمَهُ ذَلِكَ، إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِإِذْنِهِ، أَوْ طَالَبَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ بِإِحْضَارِهِ، وَإِلَّا فَلَا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِإِذْنِهِ، وَطَالَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ بِحُضُورِهِ.
فَائِدَةٌ:
حَيْثُ أَدَّى الْكَفِيلُ مَا لَزِمَهُ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ، فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ فِي رُجُوعِهِ عَلَيْهِ كَالضَّامِنِ، وَأَنَّهُ لَا يُسَلِّمُهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ، ثُمَّ يَسْتَرِدُّ مَا أَدَّاهُ. بِخِلَافِ مَغْصُوبٍ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مَعَ بَقَائِهِ، لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا كَفَلَ اثْنَانِ بِرَجُلٍ، فَسَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا: لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ: لَا يَبْرَأُ. وَقِيلَ: يَبْرَأُ الْآخَرُ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْكَافِي. وَنَصَرَهُ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ السَّامِرِيِّ فِي فُرُوقِهِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ، وَقَالَ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا إنْ كَفَلَا كَفَالَةَ اشْتِرَاكٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَا " كَفَلْنَا لَك زَيْدًا نُسَلِّمُهُ إلَيْك " فَإِذَا سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا بَرِئَ الْآخَرُ. لِأَنَّ التَّسْلِيمَ الْمُلْتَزَمَ وَاحِدٌ. فَهُوَ كَأَدَاءِ أَحَدِ الضَّامِنَيْنِ لِلْمَالِ.