إنْ مَاتَ بَرِئَ بِمَوْتِهِ، قَوْلًا وَاحِدًا. قَالَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمَا. وَأَمَّا إذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْكَفِيلَ يَبْرَأُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقِيلَ: لَا يَبْرَأُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: مَحَلُّ الْخِلَافِ: إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ لَا مَالَ عَلَيْهِ بِتَلَفِ الْعَيْنِ الْمَكْفُولِ بِهَا. فَإِنْ اشْتَرَطَ بَرِئَ، قَوْلًا وَاحِدًا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَوْتِ. الثَّانِي: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " أَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى " قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ. صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا. وَأَمَّا إذَا سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ فِي مَحِلِّهِ: فَإِنَّ الْكَفِيلَ يَبْرَأُ قَوْلًا وَاحِدًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ، مَعَ بَقَائِهِ: لَزِمَ الْكَفِيلَ الدَّيْنُ، أَوْ عِوَضُ الْعَيْنِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَفِي الْمُبْهِجِ وَجْهٌ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَلْزَمُهُ، إنْ امْتَنَعَ بِسُلْطَانٍ. وَأَلْحَقَ بِهِ مُعْسِرًا أَوْ مَحْبُوسًا وَنَحْوَهُمَا، لِاسْتِوَاءِ الْمَعْنَى. وَكَوْنُ الْكَفِيلِ يَضْمَنُ مَا عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ: مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: السَّجَّانُ كَالْكَفِيلِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ غَابَ أُمْهِلَ الْكَفِيلُ بِقَدْرِ مَا يَمْضِي فَيُحْضِرُهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ: ضَمِنَ) .