وَالْمُصَنِّفِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وَكَلَامِ الْقَاضِي، وَأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَأْبَى ذَلِكَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَطُوفُ طَوَافًا ثَانِيًا. كَمَا زَعَمَ ابْنُ مُنَجَّى. انْتَهَى.

قُلْت: قَالَ فِي الْكَافِي: يُسَنُّ لَهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا هَدْيٌ أَنْ يَفْسَخَا نِيَّتَهُمَا بِالْحَجِّ، وَيَنْوِيَا عُمْرَةً، وَيَحِلَّا مِنْ إحْرَامِهِمَا بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَتَقْصِيرٍ؛ لِيَصِيرَا مُتَمَتِّعَيْنِ. انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَوْلُ ابْنِ مُنَجَّى " إنَّ الْأَخْبَارَ تَقْتَضِي الْفَسْخَ قَبْلَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ " لَيْسَ كَذَلِكَ. بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ ظَاهِرَهَا: أَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الطَّوَافِ. وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ جَابِرٍ، فَإِنَّهُ كَالنَّصِّ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْفَسْخِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ طَوَافِهِمْ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَهُمَا أَنْ يَفْسَخَا نِيَّتَهُمَا بِالْحَجِّ. زَادَ الْمُصَنِّفُ: إذَا طَافَا وَسَعَيَا. فَيَنْوِيَانِ بِإِحْرَامِهِمَا ذَلِكَ عُمْرَةً مُفْرَدَةً، فَإِذَا فَرَغَا مِنْهَا وَحَلَّا أَحْرَمَا بِالْحَجِّ، لِيَصِيرَا مُتَمَتِّعَيْنِ، وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ، وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَوْ ادَّعَى مُدَّعٍ وُجُوبَ الْفَسْخِ لَمْ يَبْعُدْ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَجِبُ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ مَسَاغِهِ. نَقَلَهُ فِي الْفَائِقِ. قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ سَاقَ هَدْيًا، فَيَكُونُ عَلَى إحْرَامِهِ) . هَذَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ فَسْخِ الْقَارِنِ وَالْمُفْرِدِ حَجَّهُمَا إلَى الْعُمْرَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَيَأْتِي حِكَايَةً بَعْدَ هَذَا، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا: كَوْنُهُ لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

قَوْلُهُ (لَوْ سَاقَ الْمُتَمَتِّعُ هَدْيًا: لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحِلَّ) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، فَعَلَى هَذَا: يُحْرِمُ بِالْحَجِّ إذَا طَافَ وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ بِالْحَلْقِ، فَإِذَا ذَبَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ حَلَّ مِنْهُمَا مَعًا، نَصَّ عَلَيْهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015