قَوْلُهُ (وَمَنْ كَانَ قَارِنًا أَوْ مُفْرِدًا أَحْبَبْنَا لَهُ أَنْ يَفْسَخَ إذَا طَافَ وَسَعَى، وَيَجْعَلَهَا عُمْرَةً؛ لِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ) . اعْلَمْ أَنَّ فَسْخَ الْقَارِنِ، وَالْمُفْرِدِ حَجَّهُمَا إلَى الْعُمْرَةِ: مُسْتَحَبٌّ بِشَرْطٍ لَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً. وَعَبَّرَ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَالْمَجْدُ، وَغَيْرُهُمْ: بِالْجَوَازِ وَأَرَادُوا فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ مَعَ الْمُخَالِفِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. لَكِنْ الْمُصَنِّفُ هُنَا ذَكَرَ الْفَسْخَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَالَ: هَذَا ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ، وَعَنْ ابْنِ عَقِيلٍ: الطَّوَافُ بِنِيَّةِ الْعُمْرَةِ: هُوَ الْفَسْخُ، وَبِهِ حَصَلَ رَفْضُ الْإِحْرَامِ لَا غَيْرُ، فَهَذَا تَحْقِيقُ الْفَسْخِ وَمَا يَنْفَسِخُ بِهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قُلْت: وَهَذَا جَيِّدٌ، وَالْأَحَادِيثُ لَا تَأْبَاهُ. انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَتَبِعَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ: لِلْقَارِنِ وَالْمُفْرِدِ أَنْ يَفْسَخَا نُسُكَهُمَا إلَى الْعُمْرَةِ، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَا وَقَفَا بِعَرَفَةَ، وَلَا سَاقَا هَدْيًا، فَلَمْ يُفْصِحُوا بِوَقْتِ الْفَسْخِ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: جَوَازُ الْفَسْخِ، سَوَاءٌ طَافَا وَسَعَيَا أَوْ لَا، إذَا لَمْ يَقِفَا بِعَرَفَةَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يَغُرَّنَّك كَلَامُ ابْنِ مُنَجَّى، فَإِنَّهُ قَالَ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ شَرْطٌ فِي اسْتِحْبَابِ الْفَسْخِ. قَالَ: وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ تَقْتَضِي الْفَسْخَ قَبْلَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَافَ وَسَعَى ثُمَّ فَسَخَ: يَحْتَاجُ إلَى طَوَافٍ وَسَعْيٍ لِأَجْلِ الْعُمْرَةِ، وَلَمْ يُرِدْ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ " إذَا " ظَرْفٌ لَأَحْبَبْنَا لَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَقْتَ طَوَافِهِ. أَيْ وَقْتَ جَوَازِ طَوَافِهِ. انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ مُنَجَّى، وَغَفَلَ عَنْ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015