وَوَجَّهَ فِي الْفُرُوعِ تَخْرِيجًا بِمَنْعِ الْإِحْرَامِ. وَقَالَ: هُوَ أَظْهَرُ وَأَقْيَسُ. ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَسَأَلَهُ ابْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدٍ: قَالَ إذَا دَخَلَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ يُحْرِمْ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ؟ قَالَ: يُحْرِمُ، وَلَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ. وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَّةَ إذَا عَلِمَ مِنْهُ رُشْدًا، فَجَوَّزَ أَحْمَدُ إسْقَاطَ حَقِّ السَّيِّدِ لِضَرَرِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مَعَ تَأَكُّدِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ عَنْهُ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَمْنَعَهُ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: فَاسْتُحِبَّ أَنْ لَا يَمْنَعَهُ.
الثَّالِثَةُ: لَيْسَ لِلْوَالِدِ مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ حَجٍّ وَاجِبٍ، وَلَا تَحْلِيلُهُ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلَدِ طَاعَتُهُ فِيهِ، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ التَّطَوُّعِ كَالْجِهَادِ، لَكِنْ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ إذَا أَحْرَمَ لِلُزُومِهِ بِشُرُوعِهِ، وَيَلْزَمُهُ طَاعَةُ وَالِدَيْهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ. وَيَحْرُمُ طَاعَتُهُمَا فِيهَا، وَلَوْ أَمَرَهُ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِيُصَلِّيَ بِهِ أَخَّرَهَا، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَلَوْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذَا فِيمَا فِيهِ نَفْعٌ لَهُمَا، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ. وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى. وَظَاهِرُ رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ وَجَعْفَرٍ: لَا طَاعَةَ لَهُمَا إلَّا فِي الْبِرِّ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: لَا طَاعَةَ فِي مَكْرُوهٍ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ: لَا طَاعَةَ لَهُمَا فِي تَرْكِ مُسْتَحَبٍّ، وَقَالَ الْمَجْدُ، وَتَبِعَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ: لَا يَجُوزُ لَهُ مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ يَتَأَخَّرُ عَنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ [لِأَجْلِ أَبِيهِ] لَا يُعْجِبُنِي. هُوَ يَقْدِرُ يَبَرُّ أَبَاهُ بِغَيْرِ هَذَا وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ: يَجُوزُ تَرْكُ النَّوَافِلِ لِطَاعَتِهِمَا، بَلْ الْأَفْضَلُ طَاعَتُهُمَا. وَيَأْتِي فِيمَنْ يَأْمُرُهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ بِالطَّلَاقِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فِي أَمْرِهِ بِنِكَاحِ مُعَيَّنَةٍ.