أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - متناولا شخصيته وعصره، فهو سيد الخلفاء الراشدين، وقد حثنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمرنا باتباع سنتهم والاهتداء بهديهم، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي». (?) فأبو بكر - رضي الله عنه - سيد الصديقين وخير الصالحين بعد الأنبياء والمرسلين، فهو أفضل أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأعلمهم وأشرفهم على الإطلاق، فقد قال فيه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي» (?) وقد قال فيه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفي عمر أيضا: «اقتدوا بالذين من بعدي: أبي بكر وعمر». (?) وشهد له عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بقوله: أنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (?) وقال عنه علي بن أبي طالب لما سأله ابنه محمد ابن الحنفية بقوله: أي الناس خير بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: أبو بكر. (?)
إن حياة أبي بكر - رضي الله عنه - صفحة مشرقة من التاريخ الإسلامي الذي بهر كل تاريخ وَفَاقَه، والذي لم تَحْوِ تواريخ الأمم مجتمعة بعض ما حوى من الشرف والمجد والإخلاص والجهاد والدعوة لأجل المبادئ السامية، لذلك قمت بتتبع أخباره وحياته وعصره في المراجع والمصادر، واستخرجتها من بطون الكتب، وقمت بترتيبها وتنسيقها وتوثيقها وتحليلها؛ لكي تصبح في متناول الدعاة والخطباء والعلماء والساسة ورجال الفكر وقادة الجيوش وحكام الأمة وطلاب العلم، لعلهم يستفيدون منها في حياتهم، ويقتدون بها في أعمالهم، فيكرمهم الله بالفوز في الدارين.
لقد تتبعت صفات الصديق وفضائله ومشاهده في ميادين الجهاد مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وحياته في المجتمع المدني، ومواقفه العظيمة بعد وفاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكيف ثبَّت الله به الأمة، وسلطت الأضواء على سقيفة بني ساعدة وما تم فيها من حوار ونقاش بين المهاجرين والأنصار، ونسفت الشبهات والأباطيل التي ألصقت بتاريخ سقيفة بني ساعدة من قِبَل المستشرقين والروافض ومن سار على نهجهم، وبينت موقف الصديق من