المسلمين في السنة الأولى للقضاء على الردة، وعندما تمت عملية إعادة توحيد الجزيرة وأصبح بالإمكان الانطلاق من قاعدة قوية ومأمونة، وجه ثقل العمليات إلى الجبهتين العراقية والشامية، وعندما احتاجت الجبهة الشامية إلى المدد نقل الصديق محور ثقل الهجوم إلى الشام، ووجه خالدًا إليه، وترك المثنى في الجبهة العراقية.
عندما بدأ الصديق - رضي الله عنه - باستنفار القوات لحرب الروم والفرس أرسل خالد بن سعيد إلى تبوك بمهمة إلى مناطق الحشد ومحاور التقدم، وأمره أن يكون ردءًا للمسلمين، وعندما فشل في هذا الواجب وتجاوزه قام عكرمة بن أبي جهل به (?).
كتب الصديق إلى أبي عبيدة عندما بلغه تقدم جيوش الروم وانضمام أهل دمشق إليهم ما يلي: بث خيولك في القرى والسواد، وضيق عليهم الميرة والمادة، ولا تحاصرن المدائن حتى يأتيك أمري. (?) وعندما دعمه بقوات كافية كتب له: فإن ناهضوك فانهد لهم واستعن بالله عليهم، فإنه ليس يأتيهم مدد إلا أمددناك بمثلهم (?).
كانت خطوط الاتصال بين الصديق وقادة المعارك منظمة ومنتظمة بحيث تصل المكاتبات من القادة في أمان، وتصل ردود الخليفة في سرية وسرعة متقدمة لا تسمح للعدو أن يفاجأ المسلمين بشيء لا يتوقعونه. وهكذا كانت الخطط الحربية عند المسلمين
محكمة دقيقة، بما كان عاملاً من عوامل دحر الأعداء والتغلب عليهم بفضل الله في
حركة الفتوح (?).
امتازت الخطط الحربية الإسلامية في بداية الفتوحات بوجود العقل المدبر ذي الفطنة والذكاء والكياسة والفراسة، وهو الصديق، وقد ساعد أبو بكر على فهمه الواسع