يذكر للمثنى؛ حيث لم يَغُرُّه كثرة جيشه ولا كونه أقدم من خالد في إمرة جيوش العراق، فلم يحمله ذلك على أن يرى أنه أحق بالقيادة من خالد (?).

5 - احتياط الصديق لأمر الجهاد في سبيل الله:

وقد جاء في كتاب أبي بكر لخالد وعياض بن غنم: أن استنفروا من قاتل أهل الردة ومن ثبت على الإسلام بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا يغزون معكم أحد ارتد حتى أرى رأيي، فلم يشهد الأيام مرتد. (?) يعني في أول الأمر، وقد شهدوا الأيام بعد ذلك حينما ثبتت استقامتهم كما سيأتي بإذن الله تعالى. وهذا الموقف لأبي بكر مبني على الاحتياط لأمر الجهاد في سبيل الله تعالى، حتى لا يشترك فيه طلاب الدنيا فيكونوا سببًا في فشل المجاهدين واختلال صفوفهم، وهذا درس تربوي من أبي بكر استفاد من الدروس النبوية الغالية وذلك في تنقية الصف الإسلامي من الشوائب وتوحيد هدفه، حتى يكون خالصًا لوجه الله تعالى، في أمن بذلك من الانتكاسات الخطيرة التي تحدث بسبب تعدد الأهداف. ولقد حرص أبو بكر على هذا المبدأ السامي مع شدة احتياج الجيش الإسلامي آنذاك إلى الرجال، مما يدل على قناعته التامة بأن العبرة بسمو الهدف والإخلاص لا بكثرة العدد (?).

6 - الرفق بالناس والتوصية بفلاحي العراق:

وفي قول الصديق لخالد: وتألف أهل فارس ومن كان في ملكهم من الأمم. (?) وهذا القول بين لنا الهدف من الجهاد الإسلامي خارج بلاد الإسلام فهو جهاد دعوي يقصد به دعوة الناس إلى الدخول في الإسلام، ولما كانت الدعوة غير ممكنة مع بقاء الحكومات، فإنه لا بد من إزالتها لتمكين شعوبها من الدخول في الإسلام، وهذا الهدف ظاهر في جميع المعارك التي خاضها الصحابة رضي الله عنهم؛ حيث كانوا يدعون أعداءهم إلى الإسلام فيكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، فإن أبوا فليستسلموا لحكم الإسلام ويدفعوا الجزية مقابل حماية المسلمين لهم، فإن أبوا فلا بد من القتال حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015