لهم قوة لما أرسلوا هذا الجيش (?)، فكفوا عن كثير مما كانوا يريدون أن يفعلوه (?).
ما أشد التحول وأخطره، وما أسرعه كذلك! سبحان الله الذي يقلب الأحول كيفما يشاء: {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [البروج: 16]، {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]، تأتي وفود العرب مذعنة منقادة مطيعة وبهذه الكثرة، حتى سمي العام التاسع (عام الوفود)، ثم
تنقلب الأحوال فيخشى من أن تأتي القبائل العربية للإغارة على المدينة المنورة عاصمة الإسلام (?)، بل قد جاءت للإغارة للقضاء على -حسب زعمها الباطل- على الإسلام والمسلمين (?)، ولا غرابة في هذا فإن من سنن الله الثابتة في الأمم أن أيامها لا تبقى ثابتة على حالة بل تتغير وتتبدل، وقد أخبر بذلك الذي يقلب الأيام ويصرفها -عز وجل- بقوله: {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140].
قال الرازي في تفسيره: والمعنى أن أيام الدنيا هي دول بين الناس لا يدوم مسارها ولا مضارها، فيوم يحصل فيه سرور له والغم لعدوه، ويوم آخر بالعكس من ذلك ولا يبقى شيء من أحوالها ولا يستقر أثر من آثارها (?).
وجاءت صيغة المضارعة نُداولُها للدلالة على تجدد سنة مداولة الأيام من الأمم واستمرارها، وفي هذا قال القاضي أبو السعود: وصيغة المضارع الدالة على التجدد والاستمرار للإيذان بأن تلك المداولة سنة مسلوكة بين الأمم قاطبة سابقتها ولاحقتها (?) وقد قيل: الأيام دول والحرب سجال (?).
وقال الشاعر:
فيوم علينا ويوم لنا ... ويوم نُساء ويوم نُسَرُّ (?)