-وهذا من كلام الأشعري رحمه الله مما ينبغي أن يكتب بماء الذهب-: ثم قد اجتمعت هذه الصفات كلها في الصديق - رضي الله عنه - وأرضاه (?).

هذا ولأهل السنة قولان في إمامة أبي بكر - رضي الله عنه - من حيث الإشارة إليها بالنص الخفي أو الجلي، فمنهم من قال: إن إمامة أبي بكر - رضي الله عنه - ثابتة بالنص الخفي والإشارة، وهذا القول ينسب إلى الحسن البصري -رحمه الله تعالى- وجماعة من أهل الحديث (?)، وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل (?) رحمة الله عليه، واستدل أصحاب هذا القول بتقديم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - له في الصلاة وبأمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسد الأبواب إلا باب أبي بكر. ومنهم من قال: إن خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - ثابتة بالنص الجلي وهذا قول طائفة من أهل الحديث (?)، وبه قال أبو محمد بن حزم الظاهري (?)، واستدل هذا الفريق بحديث المرأة التي قال لها: «إن لم تجديني فأتي أبا بكر» (?)، وبقوله لعائشة -رضي الله عنها-: «ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابًا، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (?)، وحديث رؤياه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه على حوض يسقي الناس فجاء أبو بكر فنزع الدلو من يده ليروحه (?).

والذي أميل إليه ويظهر لي من خلال البحث: أن المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمر المسلمين بأن يكون الخليفة عليهم من بعده أبا بكر - رضي الله عنه -، وإنما دلهم عليه لإعلام الله -سبحانه وتعالى- له بأن المسلمين سيختارونه لما له من الفضائل العالية التي ورد بها القرآن والسنة وفاق بها غيره من جميع الأمة المحمدية - رضي الله عنه - وأرضاه (?).

قال ابن تيمية -رحمه الله-: والتحقيق أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دل المسلمين على استخلاف أبي بكر وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله، وأخبر بخلافته إخبار رضى بذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015