والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاعد. قال عبيد الله: فدخلت على عبد الله بن عباس فقلت له: ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: هات، فعرضت حديثها عليه فما أنكر منه شيئًا، غير أنه قال: أسَمَّت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت: لا. قال، هو علي (?).

هذا الحديث اشتمل على فوائد عظيمة، منها: فضيلة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وترجيحه على جميع الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- وتفضيله، وتنبيه على أنه أحق بخلافة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غيره، ومنها أن الإمام إذا عرض له عذر عن حضور الجماعة استخلف من يصلي بهم، وأنه لا يستخلف إلا أفضلهم، ومنها فضيلة عمر بعد أبي بكر - رضي الله عنه -؛ لأن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يعدل إلى غيره (?).

وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: لما قبض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، قال: فأتاهم عمر - رضي الله عنه - فقال: يا معشر الأنصار، ألستم تعلمون أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر - رضي الله عنه -؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر (?).

ز- روى ابن سعد بإسناده إلى الحسن قال: قال علي: لما قبض النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نظرنا في أمرنا فوجدنا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد قدم أبا بكر في الصلاة فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لديننا، فقدمنا أبا بكر (?).

وقد علق أبو الحسن الأشعري على تقديم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي بكر في الصلاة فقال: وتقديمه له أمر معلوم بالضرورة في دين الإسلام. قال: وتقديمه له دليل على أنه أعلم الصحابة وأقرؤهم، لما ثبت في الخبر المتفق على صحته بين العلماء أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأكبرهم سنًّا، فإن كانوا في السن سواء فأقدمهم إسلامًا». قال ابن كثير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015