الباب، فقلت: لأكونن بواب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اليوم، فجاء أبو بكر فدفع الباب، فقلت: من هذا، فقال: أبو بكر، فقلت: على رسلك، ثم ذهبت فقلت: يا رسول الله، هذا أبو بكر يستأذن، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة»، فأقبلت حتى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله يبشرك بالجنة، فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معه في القف ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكشف عن ساقيه .... (?)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب (أي الجنة) يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان»، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: ما على هذا الذي يُدعى من تلك الأبواب من ضرورة، وقال: هل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر» (?).
كان الصديق من أعلم الناس بالله وأخوفهم له. (?) وقد اتفق أهل السنة على أن أبا بكر أعلم الأمة، وحكى الإجماع على ذلك غير واحد (?)، وسبب تقدمه على كل الصحابة في العلم والفضل ملازمته للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فقد كان أدوم اجتماعًا به ليلاً ونهارًا، وسفرًا وحضرًا، وكان يسمر عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد العشاء، يتحدث معه في أمور المسلمين دون غيره من أصحابه، وكان إذا استشار أصحابه أول من يتكلم أبو بكر في الشورى، وربما تكلم غيره وربما لم يتكلم غيره فيعمل برأيه وحده، فإذا خالفه غيره اتبع رأيه دون رأي من يخالفه. (?) وقد استعمله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أول حجة حجت من مدينة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعلم المناسك أدق ما في العبادات، ولولا سعة علمه لم يستعمله،