القلوب معه إلى جوار اللّه، وتذكر القلوب فيه نعم اللّه. ويرتسم إبراهيم أبو الأنبياء نموذجا للعبد الصالح الذاكر الشاكر، كما ينبغي أن يكون عباد اللّه، الذين وجه الحديث إليهم قبيل هذا الدعاء .. ولا يفوتنا أن نلمح تكرار إبراهيم - عليه السلام - في كل فقرة من فقرات دعائه الخاشع المنيب لكلمة: «ربنا» أو «ربّ».فإن لهجان لسانه بذكر ربوبية اللّه له ولبنيه من بعده ذات مغزى .. إنه لا يذكر اللّه - سبحانه - بصفة الألوهية، إنما يذكره بصفة الربوبية. فالألوهية قلما كانت موضع جدال في معظم الجاهليات - وبخاصة في الجاهلية العربية - إنما الذي كان دائما موضع جدل هو قضية الربوبية. قضية الدينونة في واقع الحياة الأرضية. وهي القضية العملية الواقعية المؤثرة في حياة الإنسان. والتي هي مفرق الطريق بين الإسلام والجاهلية وبين التوحيد والشرك في عالم الواقع .. فإما أن يدين الناس للّه فيكون ربهم وإما أن يدينوا لغير اللّه فيكون غيره ربهم .. وهذا هو مفرق الطريق بين التوحيد والشرك وبين الإسلام والجاهلية في واقع الحياة.

والقرآن وهو يعرض على مشركي العرب دعاء أبيهم إبراهيم والتركيز فيه على قضية الربوبية كان يلفتهم إلى ما هم فيه من مخالفة واضحة لمدلول هذا الدعاء! (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015