فاسترعاه الذئب لأهبان، وخرج يريد النبي صلى الله عليه وسلم ليؤمن به. فلما صار قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم من بعيد. قال لأصحابه، قبل وصول أهبان اليه: قد أتاكم أهبان، وقد كلمه الذئب، وقال له: كذا وكذا. فلما صار أهبان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أخبره الخبر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: صدقت، وأخبر الناس وآمن به وصدقه وبايعه، ورجع إلى ضأنه فوجدها على حالها، والذئب يحويها ويرعاها. فأنشأ أهبان يقول شعرا:

رعيت الضأن أحميها بنفسي ... من اللص الخفي وكل ذيب

فلما أن رأيت الذئب يعوي ... يبشرني بأحمد من قريب

يبشرني بدين الحق حتى ... تبينت الشريعة للمجيب

قصدت اليه قد شمرت ذيلي ... عن الساقين قاصده ركيب

ألا أبلغ بني كعب بن عمرو ... وأخوتها خزاعة أن أجيبي

دعاء المصطفى لا شك فيه ... فإنك ان فعلت فلن تخيبي

فكان بعد ذلك من خيار المسلمين، وشهد القادسية، ومات بالكوفة في خلافة عثمان بن عفان - رضي الله عنه -.

ومنهم اياس بن سلمة الأكوع، الذي في كوع يده اعوجاج، والكوع المفصل بين الذراع والكف مما يلي الابهام. الرجل أكوع والمرأة كوعاء.

ومن ولد أهبان، جعفر بن الأشعث، من أحد الذين دخلوا بالعساكر إلى بلاد المغرب، في أيام المنصور.

ومنهم سليمان بن كثير، كان من نقباء بني العباس، فقتله أبو مسلم.

ومنهم عمران بن الحصين بن عبيد بن خلف، وهو الذي كانت تصافحه الملائكة، كانت تصافحه في غدوه وعشيه دهرا من دهره، وذلك لجرح كان أصابه بمكة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكتمه عمران طويلا، فكان يسمع حفيف أجنحة الملائكة وتسليمها عليه وتصافحه طرفي النهار، ولا يدري من هم، ثم شكا ذلك الجرح إلى بعض أصحابه. ويقال كوى جرحه فانقطع عنه ذلك السلام والحس.

فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان يسمع، وانقطاع ذلك عنه، فقال له صلى الله عليه وسلم: يا عمران كيف جرحك الذي أصابك يوم كذا وكذا؟ قال: انه لامجة، قال: فشكوت وجعه إلى أحد. قال: نعم أمس الأدنى. قال تلك الملائكة، كانت تحف بك لصبرك، فلما شكوته انقطعت عنك. والذي بعثني بالحق لو صبرت إلى أن تموت لسلمت عليك الملائكة إلى أن تموت. فكان عمران يتلهف بعد ذلك على ماضيع بجرحه، إلى أن مات، فلم تعد اليه.

ومنهم بريدة بن عبد الله بن بريدة الفقيه، وهو بريدة بن الخصيب، ولبريدة صحبة. وبريدة إما تصغير بردة، وإما تصغير بَرَدة، والبرد معروف، والبرد من قولهم ثور أبرد، إذا كان في طرف ذنبه بياض. والأنثى برداء، ومنه اشتقاق الأبرد الشاعر. والبرد معروف، والربد: النوم. وفسروا في التنزيل) لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا (قالوا: النوم، والله أعلم واحكم. واحتج أبو عبيدة، في هذا يقول الشاعر:

بردت مراشفها علي فصدّني ... عنها وعن قبلاتها البرد

والأبردة، داء معروف. والبريد عربي معروف، قال الشاعر: " بريد السوى من جبل بريدا " وبردى: نهر بدمشق معروف. قال الشاعر: " بردى تصفق بالبريد السلسل " والبردي نبت معروف، والأبردان طرف النهار. قال الشاعر:

إذا الأرطي توسد بردة ... خدود حواري بالرمل غيره

ومنهم الحيسمان بن عمرو، وهو الذي جاء بخبر قتلى بدر إلى مكة، وكان يومئذ مشركا، وأسلم بعد ذلك. والحيسمان فيعلان.

ومنهم محمد بن مسلم، أول من قتل من المسلمين يوم أحد.

ومنهم أسما بن حارثة، الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " مر قومك ليصوموا عاشوراء ". قال: ومن أكل؟ قال: ومن أكل.

ومنهم عبد الله بن أبي أوفى، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم.

ومنهم بنو بُوي. وبوي: تصغير بّو، والبّو أن يسلخ جلد الفصيل ويحشى تبنا، ويقدم إلى امه لترام وتدر عليه.

ومنهم أبو قيلة، وهو جرّ بن غالب، وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والقيل ما كان دون الملك نفسه كأنه هذا الملك ووجر من قولهم وجر.

ومنهم ذو الشمالين، واسمه عمير بن عبد عمرو، وقد شهد بدرا، وخلفه في بني زهرة، وجده الحارث بن عبد عمرو، وكان ممن حجب البيت، وذو الشمالين هو الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم حين سها في صلاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015