فمن بني عمرو رافع بن حديج بن رافع بن عدي بن يزيد بن عمرو بن جشم بن يزيد بن عمرو بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس. وأما عبد الأشهل ولد عمران والاشهل صنم؛ والشهلة في العين دون الزرقة، ورجل أشهل وامرأة شهلاء، ويقال امرأة شهلة كاملة ابتدع، والشهلة الحاجة. قال الراجز:
لم أفض حتى ارتحلت شهلا ... من العروب الكاعب الغيداء
والعروب الجارية تحب زوجها.
واما زعورا بن جشم، فهو فهم أهل رابح، وهو أطم، واشتقاق زعورا، أما من زعارة الخلق، واما من الزعر وهو قلة الشعر.
وبنو عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج: زيد، وزعورا، وكعب، وجريش بن عبد الأشهل، وهم رهط سعد بن معاذ، واسد بن حصين الكندي. وسعد بن معاذ، من بني زيد بن عبد الأشهل، وهو سعد ابن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو، وهو النبيت الذي حكم بحكم الله في بني قريظة، حين قال النبي صلى الله عله وسلم: " انزلوا على حكمي " فقالوا: لا ننزل الا بحكم سعد بن معاذ.
وكان سعد بن معاذ، قبل ذلك أصابه منهم سهم في أكحله يوم الخندق. وهو يوم الاحزاب، وكانت قريش اجتمعت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم مع اسد وسليم وغطفان، ونقضت بنو قريظة العهد الذي كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فلما خاف سعد الموت قال: اللهم لا تمتني حتى تشفيني من بني قريظة فرقا دمه فلما حكمه بنو قريظة في نفسها، بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ باذن يأتيه فركب سعد أتانا له، ثم أقبل حتى وقف على النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده المهاجرون والأنصار: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " قوموا إلى سيدكم فانزلوه " فوثبوا اليه فأنزلوه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا سعد ان قريظة قد حكمتك في أنفسها وأموالها، وانت حكم فاحكم "، فقال سعد: يا معشر المسلمين. ارضيتم بحكمي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " كأنك تريدني يا سعد ".
قال: نعم يا رسول الله.
قال: فاحكم.
قال: يارسول الله اني قد حكمت فيهم بقتل المقاتلة وسبي الذرية وإباحة الأموال ونظائرها فيئا للمهاجرين والأنصار.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالحق، لقد وافق حكمك حكم الله.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم، بانفاذ حكم سعد بن معاذ الأوسي في بني قريظة فانفجر اكحله، فمات رحمه الله، فجاء جبرائل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، عليه السلام فقال له: اهتز العرش لموت رجل من أصحابك، وما أهتز لموت أحد من قبله، فقام النبي صلى الله عليه وسلم مسرعا فاذا سعد، قد قضى نحبه، والأنصار حوله، فلما خرجوا من البيت، ولم يبق فيه الا سعد وحده، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يتخلل في مشيته في البيت، يذهب مرة يمينا، ومرة شمالا، حتى جلس إلى جنب سعد، وحزن عليه حزنا شديدا، حتى رأى ذلك في وجهه، وامر بجهازه فجهز، ثم خرج معه لحمله، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكبر سبعا، ثم وقف على قبره طويلا، فسأل على مشيته متخللا في بيت سعد، والبيت خال. فقال: ما وجدت اليه مخلصا من الملائكة حتى قبض منهم ملك جناحه. وهذا جبرائي يخبرني ان العرش اهتز لموت سعد بن معاذ.
قال ابن المنذر هشام بن محمد: حدثنا عبد الحميد بن أبي عيسى الانصاري، بينما قريش في المسجد الحرام، إذ سمعت في الليل قائلا يقول على أبي قبيس؛ ان يسلم السعدان، يصبح محمد بمكة لا يخشى خلاف مخالف؛ فلما اجتمعت قريش قال بعضهم لبعض: من السعود. قالوا: سعد بكر سعد هذيل، فلما كان القابلة، سمعوا ذلك الصوت في ذلك المكان يقول:
فيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصري ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
اتينا إلى واعي الهدى وتمنيا ... على الله في الفردوس منية عارف
فقال بعضهم: هذان والله سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة.
وولد كعب بن عبد الأشهل؛ سعدا وزيدا؛ وهؤلاء كلهم يقال لهم النبيت. وهم بنو زعورا وسلكان بن سلامة بن وقش؛ وهو ابو نائلة، وسلمة بن سلامة بن وقش، والوقش: الحركة في البطن. يقال احد وقش في بطني.