قال الهيثم بن عدي الطائي: ولم أصِب هذا الشعر عند رُواة العراق. قال: فأقبل العادي ومعه قوس من حديد ونشاب حديد له نصالُ عظام، وهي التي يقال لها: العقارية. فقال لعمرو: إن شئت صَارَعْتَك، وإن شئت رَامْيتك، وإن شئت سايفتك. قال عمرو: الصراع أحَبّ إليّ قال: أرى معك قوسا. قال: إني أكسرها - وكانت قوس عمرو متى شاء جعلها ومتى رَدَّها - فأهوى بها إلى سفح الجبل. فظن أنه قد كسرها، فاعترض العاديّ بقوسه ونِصَاله الجَبَل فكسرها. فلما رأى ذلك عمرو وأخذ قَوْسه فركبها. فقال اسْتَعِن بقَوْسَك والرَّمْيُ أحبّ إليّ. فذكر الأسود غَدْرَته بطسْم فقال: مَنْ ير يوماً يُرَيه. فذهبت مثلا. ورماه عمرو ففلق قلبه، فقال الأسود - وهو يجود بنفسه: أما أن أكون عادتها. قال له: أين هي؟ قال: شرقي غربي طلل طلل طلل - يردد ذلك حتى مات وانصرف عمرو بن الغوث بن طيء وهو يقول:
قلتُ الحارس العاديَ لما ... رأيت بجَنْدُبٍ عنه ازْوِرَارَا
فقلت له ودمع العين يجري ... على الخَدّضين ينحدر انحدارا
سأكفيك الذي حاذَرْتَ منه ... فأرخ الذيل واحتلب العشارا
وأقام طيء وولده منذ ذلك الحين بالجَبَلَيْن وسميا أجَأ وسلمى فنزلوا بهما واطمأنوا، وصار قرار ولد طيء الجبلين، فهما اليوم بلادهم، ولهم أيضا قُرْى خارج الجبلين، وأكثر مالهم من القُرى خارجا لبني جَدِيلة والغالب على الجبلين بنو الغوث بن طيء. قال سامة بن لؤي بن الغوث بن طيء في ذلك شعرا:
حلفنا لا نفارق بطن سلمى ... وأجأ مابقينا في الليالي
بحيث الشعب أنزلنا ابن غوث ... وطاح الغوثُ منها بالنهال
رمينا قلب عاديٍ بسهم ... كأن قَتِيره رَهَجُ النصال
وكان طيء بن أدد قد عاش وعَمَر إلى أن بلغ ولدهُ ووَلدُ ولدهُ خمسمائة رجل، حتى أدركه سُلامان بن ثُعل بن عمرو بن الغوث بن طيء وأنشد الهيثم بن عَدِيَ لطيء أدد في ذلك:
أنَّا من القوم اليمانينا ... إن كنت عن ذلك تسألينا
وقد ثوبنا بظُريف حبنا ... ثم تفرقنا مغاضبينا
لينة كانت لنا شطونا ... إذ سامنا الضيم بنو أبينا
فتفرقت من رجلين الغوث بن طيء وفُطْرة بن طيء، وبنو فُطْرَة هم بنو جَدِيلة أمهم، وبها يُعْرَفون بنو جُنْدُب بن خارجة بن سعد بن فُطْرَة بن طيء.
ولد طيء بن أدد رجلين الغوث بن طيء، وفُطْرة بن طيء، فولد الغوث بن طيء عَمْراً ولؤياً، فولد سامة بن لؤي بن الغوث، وولد عمرو بن الغوث أسودان - واسمه نَبْهان - وثُعل وجَرْم وبَوْلان، وحبه، فهؤلاء بنو عمرو بن الغوث بن طيء، والعدد فيهم. ومنهم تفرقت أكثر قبائل طيء. وأما فُطْرة بن طيء فولد سعداً والحارث وحة والعدد في ولد سعد، فولد سعد بن فُطْرة خارجة بن سَعْد، فولد خارجة ابن سعد جُنْدُب بن خارجة، وضهرة بن خارجة. فمن ولد جُنْدُب بن خارجة بن سعد بن فُطْرة بنو جَدِيلة، وهم بنو جُنْدُب بن خارجة ابن سعد بن قُطْرة بن جَدِيلة، وهم بنو جُنْدُب بن خارجة ابن سعد بن فُطْرة طيء، وجَدِيلة أمهم، وقد مضى نسبها، وهم بها يعرفون.
ومن قبائل الغوث بن طيء بنو نَبْهان بن عمرو بن الغوث، وبنو ثُعل بن عمرو بن الغوث، وبنو جَرْم واسمه ثعلبة - بن الغوث، وبنو بولان - واسمه غصين - بن عمرو ابن الغوث. ومن بطونهم بنو هنيء بن عمرو بن ثُعل، وبنو سنبس بن عمرو بن ثُعَل، ابن سعد بن نَبْهان - وهم نُعْمان - وبنو الصامت - واسمه عمرو - بن غَنْم ابن مالك بن سعد بن نَبْهان - وهم أيضا بُعمان - وأفخاذ طيء كثيرة غير أن جمهور النسب إلى الأب الأكبر وهو طيء بن أدد.
نَبْهَان، فنن بني نَبْهان. وهو أسودان: بن عمرو بن الغوث بن طيء نابل ابن نَبْهان - بطن - والنّضابِل: الحاذق بااشيء. قال الشاعر:
ابن نبهانبطنوالتنَّابِل وابن نابِلأي حاذق وابن حاذق
والنابل: حامل النَّبْل، ويقال تَنَبَّل الرجلُ إذا استنجى، ويقال للرجل نَبِلْني أحجارا: أي أعطني استعملها في ذلك الشأن. والنبيلة زعموا جيفة الميَّت، والنبل عندهم من الأضداد، ويقال للشيء الحسن النبيل وللشيء الخسيس قال الشاعر: