واستشارهم فيذلك فأشاروا عَلَيْهِ أَن يُوكل على النِّسَاء الحبالى من يحملهن إِلَى دَاره حَتَّى تكون ولادتهن عِنْده فَإِن كَانَ الْمَوْلُود ذكرا قَتله وَإِن كَانَ أُنْثَى تَركهَا فَفعل ذَلِك وَلم يزل حَتَّى قتل إثنى عشر ألف مَوْلُود وَكَانَ يعذب النِّسَاء الحبالى حَتَّى يسقطهن حَملهنَّ فضجت الْمَلَائِكَة من ذَلِك إِلَى رَبهم فَأوحى الله إِلَيْهِم أَن اسكنوا فَإِن لَهُ أَََجَلًا ممدوداً إِلَى وَقت مَحْدُود ثمَّ بشرهم الله تَعَالَى بمولود هُوَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وحملت أمه بِهِ وَكَانَ فِرْعَوْن قد منع وزراءه وكبراء مَمْلَكَته من الِاجْتِمَاع بأهلهم لِأَنَّهُ كَانَ قد بلغه أَن الْمَوْلُود يكون من أقرب النَّاس إِلَيْهِ وَكَانَ عمرَان من أقرب النَّاس إِلَيْهِ فَكَانَ شَأْنه أَن لَا يُفَارِقهُ بَيْنَمَا عمرَان قَاعد عِنْد رَأس فِرْعَوْن إِذْ نظر إِلَى امْرَأَته وَقد حملت إِلَيْهِ على جنَاح ملك فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا فزع فَزعًا شَدِيدا وَقَامَ على قَدَمَيْهِ وَقَالَ لَهَا مَا الَّذِي جَاءَ بك فِي مثل هَذَا الْوَقْت؟ فَقَالَ لَهُ الْملك إِن الله يَأْمُرك أَن تواقع زَوجتك على فرَاش فِرْعَوْن ليَكُون ذَلِك هواناً لَهُ ثمَّ جذب المك فرَاش فِرْعَوْن من تَحْتَهُ وألقاه لعمران وتوارى الْملك فواقعها فَحملت بمُوسَى " ع " ثمَّ احتملها الْملك إِلَى دارها هَذَا وَكَانَ على بَاب فِرْعَوْن ألف من الحراس والأعوان فَلَمَّا أصبح دخل عَلَيْهِ المنجمون والكهنة وَقَالُوا لفرعون إِن الْمَوْلُود الَّذِي كُنَّا نحذرك مِنْهُ قد حملت بِهِ أمه فِي هَذِه اللَّيْلَة وَقد ظهر نجمه وَعلا شعاعه قَالَ فَاشْتَدَّ فزع فِرْعَوْن وَزَاد اختباطه وَلما مَضَت مُدَّة الْحمل أَخذ أمه الطلق فِي نصف اللَّيْل وَلم يكن عِنْدهَا أحد إِلَّا أُخْتهَا فَلَمَّا نظرت إِلَى نوره وَهُوَ يتلألأ فَفَرِحت بِهِ إِلَّا إِنَّهَا مكروبة لخوفها عَلَيْهِ من فِرْعَوْن وأعوانه فَسَأَلت الله تَعَالَى أَن يحفظه عَلَيْهَا وَأَن يرزقها الصَّبْر فَمَا استنمت دعاءها وَنظرت إِلَى مُوسَى فَإِذا هُوَ قد اسْتَوَى قَاعِدا وَقَالَ لَهَا يَا أُمِّي لَا تخافي وَلَا تحزني إِن الله مَعنا