زين الدّين الزَّرْكَشِيّ الْحَنْبَلِيّ وَالشَّيْخ عز الدّين بن الْفُرَات وَغَيرهم من الْمَشَايِخ الاعيان وَتردد الى الْقَاهِرَة مَرَّات وَحج مِنْهَا فِي وسط السّنة صُحْبَة القَاضِي عبد الباسط رَئِيس المملكة فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وثمانماءئة فَسمع الحَدِيث بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة على الْمُحب الطَّبَرِيّ وَغَيره وبمكة المشرفة على ابي الْفَتْح المراغي وَغَيره وَلم يزل حَاله فِي ازدياد وَعلمه فِي اجْتِهَاد فَصَارَ نادرة وقته واعجوبة زَمَانه إِمَامًا فِي الْعُلُوم محققا لما يَنْقُلهُ وَصَارَ قدوة بَيت الْمُقَدّس ومفتيه وَعين أَعْيَان المعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية ثمَّ لما وَقعت حَادِثَة أخي ابي الْعَبَّاس - الْمُتَقَدّم شرحها فِي حوادث سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة - سَافر الى الْقَاهِرَة المحروسة وَاجْتمعَ بالسلطان وحوسب فَعرف مقَامه وأنعم عَلَيْهِ باستقراره فِي مشيخة الْمدرسَة الصلاحية فتوقف فِي الْقبُول فَالْزَمْ بِهِ وتمثل بالحضرة الشَّرِيفَة فِي شهر صفر سنة سِتّ وَسبعين فَلَمَّا قدم على السُّلْطَان نزل عَن سَرِير الْملك وتلقاه وأكرمه وفوض اليه الْوَظِيفَة الْمشَار اليها والبسه التشريف وَولي مَعَه فِي ذَلِك الْيَوْم القَاضِي شهَاب الدّين بن عبيه قَضَاء الشَّافِعِيَّة وَالْقَاضِي خير الدّين بن عران قَضَاء الْحَنَفِيَّة وَالشَّيْخ شهَاب الدّين العميري مشيخة الْمدرسَة الأشرفية الَّتِي هدمت وَكنت حَاضرا ذَلِك الْمجْلس وسافر شيخ الاسلام وصحبته القاضيان - الْمشَار اليهما - من الْقَاهِرَة المحروسة فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن ربيع الأول ودخلوا الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشري ربيع الأول سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وباشر تدريس الصلاحية وَالنَّظَر عَلَيْهَا مُبَاشرَة حَسَنَة عمرها وأوقافها وشدد على الْفُقَهَاء وحثهم على الِاشْتِغَال وَعمل بهَا الدُّرُوس الْعَظِيمَة فَكَانَ يدرس فِيهَا أَرْبَعَة أَيَّام فِي الاسبوع فقها وتفسيرا وأصولا وَخِلَافًا وأملى فِيهَا مجَالِس من الاحاديث الْوَاقِعَة فِي مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَاسْتمرّ بهَا أَكثر من سنتَيْن ثمَّ اسْتَقر فِيهَا شيخ الاسلام النجمي ابْن جمَاعَة فِي شهور سنة ثَمَان وَسبعين - كَمَا تقدم ذكره - فَلم يهتم بهَا بعد ذَلِك واسمر بمنزله على مَا كَانَ عَلَيْهِ من الِاشْتِغَال بِالْعلمِ والافتاء