فِي اوائل الْأَمر الْأَمِير تغرى ورمش لقبض ثمنه ثمَّ صَار يعين فِي كل سنة بعض المماليك بِخِدْمَة الْأَمِير دوادرا كَبِير للحضور الى جبل نابلس فيحضر ويضبط الزَّيْت ويبيعه لأربابه وَيقبض ثمنه فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِه السّنة خضر الْأَمِير الدوادار من الْقَاهِرَة - كَمَا تقدم - وَقصد بيع الزَّيْت لأربابه على مَا جرت بِهِ الْعَادة من سنة تسعين فسعى دقماق فِي رميه على جَمِيع أهل بَيت الْمُقَدّس لينتقم مِنْهُم فَلَمَّا حضر السيفي قانصوه فِي أول ربيع الآخر - كَمَا تقدم - وَجلسَ مَعَ دقماق بدار النيبابة طلب أهل الْقُدس بأسرهم وَكتب أَسْمَاءَهُم فِي قَوَائِم وَعين على كل انسان قناطير مُعينَة وَأمرهمْ بشرَاء الزَّيْت كل قِنْطَار بِخَمْسَة عشر دِينَارا ورسم على النَّاس وشدد عَلَيْهِم وضربهم ضربا مؤلما وَشرع يحمل كل اُحْدُ فَوق طاقته وَلم يطعه ضربه حَتَّى يكَاد يهْلك وَمن غَابَ هجم على منزله وَأخذ مَاله من الْأَمْتِعَة وَمن لم يُوجد لَهُ امتعة وَلَا مَوْجُود أحضر زَوجته وضرباه وسجنها حَتَّى تدفع مَا عَليّ زَوجهَا فهتك كثير من المخدرات وَمن لم يظفر بِزَوْجَتِهِ احضر من يكون من أَقَاربه فَإِن لم يُوجد لَهُ قريب أحضر من يكون من جِيرَانه حَتَّى وَقع أَنه طلب شخصا فَلم يجده فَقَالَ لأعوانه أحضروا زجته فَقيل لَهُ انها ختفت فَقَالَ انْظُرُوا من يكون من اقاربه فَقيل لَيْسَ لَهُ قرَابَة فَقَالَ انْظُرُوا جِيرَانه فَقيل أَن جِيرَانه قد اختفوا فَقَالَ انْظُرُوا من يكون جلس عِنْده وحدثه فأحضر الاعوان رجلا وَقَالُوا ان هَذَا جلس فِي وَقت على حانوته وتحدث مَعَه فَأمر دقماق ذَلِك الرجل ان يدْفع ثمن الزَّيْت الْمعِين عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ لم؟ قَالَ لِأَنَّك جَلَست عِنْده فِي وَقت وتحدثت مَعَه ثمَّ ضرب ذَلِك الرجل الى ان اخذ مِنْهُ مَا على الْغَائِب وَمثل هَذِه الْحِكَايَة كَثِيرَة وَوَقع ماهو أفحش مِنْهَا وأشنع وَاسْتمرّ النَّاس فِي الضَّرْب والترسيم والمحنة وهتك الْحرم شهر ربيع الآخر بِكَمَالِهِ وَبَاعَ النَّاس امتعتهم وثيابهم بأبخس الاثمان وَبيع كل مِثْقَال من الذَّهَب