باستخلاف القَاضِي كَمَال الدّين ابي البركات مُحَمَّد بن الشَّيْخ خَليفَة فباشر عَنهُ من شهر ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَتِسْعين وفيهَا توفّي القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن الْغَزِّي سبط الْجَوْهَرِي وَبِه اشْتهر وَكَانَ عِنْده معرفَة تَامَّة بِالْحِسَابِ والمباشرة واحوال النَّاس وباشر العمالة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف مُدَّة ثمَّ نزل عَنْهَا وَكَانَ لَهُ مُرُوءَة وَقيام مَعَ أَصْحَابه مَعَ لين جَانب وساد وراس وَكَانَ يترفه بالملبوس الْحسن والمأكل وَعِنْده حشمة وتواضع ووفاته فِي شهر ذِي الْقعدَة وَقد قَارب السَّبْعَة وَدفن بماملا وَكَانَت جنَازَته حافلة رَحمَه الله ثمَّ دخلت سنة ارْبَعْ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فِيهَا حضر الْأَمِير اقبردي الدوادار الْكَبِير الى جبل نابلس فِي شهر الْمحرم بِسَبَب الْقَبْض على بني اسماعيل مَشَايِخ جبل نابلس لما حصل مِنْهُم التَّقْصِير فِي المهم الشريف بِبِلَاد الرّوم وبرز الْأَمر لنائب الْقُدس دقماق باسترجاع مَال التجريدة مِمَّن كَانَ دفع اليه من الرِّجَال لما نسب اليهم من التَّقْصِير وعودهم من بِلَاد الرّوم بِغَيْر اذن فأحضر دقماق كل من اخذ شَيْئا واسترجعه مِنْهُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْس وافحش فِي الامور وَمن النَّاس من تسحب فَقبض على من يكون مَنْسُوبا اليه من أَقَاربه واصحابه وجيرانه وَشرع يضْرب النَّاس بالمقارع ويضعهم فِي الْحَبْس وَفعل بهم فعلا لم يسمع بِمثلِهِ فِي زمن الْجَاهِلِيَّة حَتَّى ان بعض النَّاس بَاعَ ابْنَته كَمَا يُبَاع الرَّقِيق وتفاحش الْأَمر وَبَقِي النَّاس فِي شدَّة شَدِيدَة ومحنة لم تعهد بالارض المقدسة قبل ذَلِك فسبحان من يتَصَرَّف فِي عباده بِمَا يَشَاء وَتوجه الدودار الْكَبِير فِي اوائل جمادي الاولى الى مَحل وَطنه بالديار المصرية وفيهَا فِي شهر صفر احدث النَّصَارَى المقيمون بدير صهيون كَنِيسَة ظَاهر الْقُدس الشريف بِالْقربِ من الدَّيْر زَعَمُوا ان مَكَانهَا مقَام السيدة مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام واحكموا بناءها وَجعلُوا بهَا من جِهَة الشرق الهيكل الَّذِي يعْمل فِي الْكَنَائِس وَصَارَت كَنِيسَة محدثة بدار الاسلام وَكَانَ المساعد لَهُم دقماق النَّائِب وَأذن لَهُم فِي الْبناء