وفيهَا تزايد ظلم دقماق نَائِب الْقُدس الشريف وَكثر طمعه وتلاشت احوال الْمُعَامَلَة واختل نظامها وَكثر السراق وأفحشوا فِي قطع الطّرق وَقتل الْأَنْفس وَبَقِي النَّاس فِي شدَّة لذَلِك فَإِن دقماق - الْمَذْكُور - كَانَ فِي مُبَاشَرَته على طَريقَة النَّائِب جقمق - الْمُتَقَدّم ذكره - يصدر مِنْهُ كَلِمَات مُهْملَة فِي الْمجَالِس والمحافل توجب انتقاص النَّاس لَهُ وَكَانَ يُخَاطب آحَاد الْعَوام بالترهات الفشرية ويعتمد افعالا لَا تلِيق مِنْهَا انه وزن نَفسه فِي القبان وَكَانَ يُجَالس السُّفَهَاء ويضحك مَعَهم ويخاطبهم بالمزاح وَكَانَ إِذا مر بِجَمَاعَة يَقُول سَلام عَلَيْكُم جمَاعَة فنقموا عَلَيْهِ بذلك وَشرع بعض النَّاس يرتب ألفاظا ويسجعها مِنْهَا سَلام عَلَيْكُم جمَاعَة دقماق عِنْده سقاعة فَبَلغهُ ذَلِك فَطلب ذَلِك الرجل وَقَالَ لَهُ تَقول عني كَذَا؟ فَقَالَ حاش الله إِنَّمَا قلت سَلام عَلَيْكُم جمَاعَة دقماق عِنْده شجاعة فشرع النَّائِب يضْحك وَيتَكَلَّم بالسخريات وَوَقع لَهُ انه حكى عَن اخته حِكَايَة مَعْنَاهَا انه كَانَ فِي مَكَان مخوف وانه ظهر عَلَيْهِ جمَاعَة وطردوه فهرب مِنْهُم فَمن أَلْفَاظه أَنه قَالَ فَأخذت فلسي فِي كفي وَقمت الْقيام وَأَشْيَاء من هَذَا النسق اوجبت تلاشي احواله واختلال نظامه فَكَانَ أمره بِخِلَاف دقماق الاينالي - الْمُتَقَدّم ذكر - فَإِنَّهُ ولي مُدَّة يسيرَة وَكَانَت سطوته وهيبته تضرب بهما الامثال فَهُوَ يُوَافقهُ فِي الِاسْم وَيُخَالِفهُ فِي الْفِعْل وفيهَا اسْتَقر القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن ابراهيم الرجبي الْمَشْهُور بِابْن مَازِن الْقَرَوِي الْمَالِكِي فِي وَظِيفَة قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف بعد شغورها عَن القَاضِي شرف الدّين يحيى الاندلسي - الْمُتَقَدّم ذكره - من اواخر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَكتب توقيعه بذلك فِي ثامن عشر شَوَّال وَورد كِتَابه الى الْقُدس الشريف