الانس الجليل (صفحة 709)

خشقدم فَلَمَّا آل أمرهَا الى مَوْلَانَا السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف اسْتمرّ على مَا هُوَ عَلَيْهِ ثمَّ كَانَ من الْأَمر مَا سَنذكرُهُ فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وفيهَا احْتبسَ الْمَطَر بِبَيْت الْمُقَدّس حَتَّى دخل أَكثر الشتَاء وَحصل للنَّاس شدَّة من قلَّة المَاء ثمَّ حصل الغلاء الْعَظِيم فِي جَمِيع المملكة وَاشْتَدَّ الْأَمر بِبَيْت الْمُقَدّس وَقلت الأقوات مِنْهُ وَوصل سعر الْقَمْح كل مد بِدِينَار وَالشعِير كل مد بِعشْرين درهما وَوَقع الغلاء فِي كل الاصناف من الْأرز وَالزَّيْت والبصل وَغير ذَلِك حَتَّى فِي الخضروات وضج النَّاس الى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وفيهَا كثرت الْفِتَن بَين نَاظر الْحَرَمَيْنِ بردبك التاجي ونائب السلطنة دمرداش العثماني وَوَقع الْخلف بَينهمَا وَكثر القيل والقال وانْتهى الْحَال الى أَن نَاظر الْحَرَمَيْنِ كَانَ يظاهر الْبَلَد عِنْد بركَة السُّلْطَان وَكَانَت قتاة السَّبِيل هُنَاكَ محتاجة الى عمَارَة وَقد شرع الصناع فِي الْعَمَل فِيهَا فَخرج النَّاظر للاشراف عَلَيْهِم وَهُوَ فِي جمع قَلِيل من حَاشِيَته فَسلط النَّائِب جمَاعَة من أعوانه فَخَرجُوا الى النَّاظر على بَغْتَة وضربوه ضربا مؤلما واغلظوا عَلَيْهِ وشتموه وأفحشوا لَهُ فِي القَوْل فاقيمت النائرة لذَلِك وَوصل المستنفرون إِلَى دَاخل الْمَدِينَة فبادر قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيّ جمال الدّين بن عبد الله الديري وَركب مَعَه جمَاعَة الى ظَاهر الْبَلَد وَدخل النَّاظر الى الْمَدِينَة على هَيْئَة قبيحة مِمَّا حصل فِي حَقه وَعقد بِالْمَسْجِدِ مَجْلِسا فَكتب مَا وَقع وجهز الى السُّلْطَان فَحَضَرَ من الْقَاهِرَة خاصكي بالكشف على ذَلِك وَبَقِي بعض أهل الْقُدس فِي جِهَة النَّاظر وَبَعْضهمْ فِي جِهَة النَّائِب وَاشْتَدَّ الْأَمر فِي وُقُوع الْفِتَن وَالِاخْتِلَاف بَين الأكابر وَحصل للْقَاضِي الْحَنَفِيّ ضَرَر لكَونه ركب الى ظَاهر الْبَلَد فِي يَوْم ضرب النَّاظر وَغرم مَالا بِسَبَب ذَلِك ثمَّ حصل الْخلَل فِي نظام الوقفين المبرورين بالقدس والخليل لسوء تَدْبِير النَّاظر بردبك التاجي وَعدم توفيقه وتلاشت الاحوال وفحشت وَكَثُرت المناحس من السراق وقطاع الطَّرِيق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015