بنواب الْقُدس من نَحْو السِّتين والثمانمائة وَكَانَ فِي الزَّمن السالف تَوْلِيَة النِّيَابَة وَالنَّظَر من نواب الشَّام وَلم يزل الْأَمر على ذَلِك إِلَى نَحْو الثَّمَانمِائَة ثمَّ عَاد الْأَمر من السُّلْطَان بالديار المصرية وَهُوَ مُسْتَمر على ذَلِك إِلَى يَوْمنَا وَالله التَّوْفِيق (ذكر تَرْجَمَة ملك الْعَصْر مَوْلَانَا الْمقَام الْأَشْرَف الامام الْأَعْظَم السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف سُلْطَان الاسلام وَالْمُسْلِمين محيي الْعدْل فِي الْعَالمين منصف المظلومين من الظاملين قَاتل الْكَفَرَة وَالْمُشْرِكين مبيد الطغاة والمارقين جَامع كلمة الايمان قامع الظُّلم والعدوان ظلّ الله الوارف وَرَحمته السابغة للبادي والعاكف وناصر دينه الَّذِي قطعت الآراء بتفضيله وَلَا مُخَالف ملك البرين والبحرين خَادِم الْحَرَمَيْنِ الشريفين وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمَسْجِد الْخَلِيل النيرين هُوَ سيف الدّين أَبُو النَّصْر قايتباي ابْن عبد الله الظَّاهِرِيّ نِسْبَة الى الْملك الظَّاهِر جقمق رَحمَه الله وَنصر الله مَوْلَانَا السُّلْطَان - الْمشَار اليه - نصرا عَزِيزًا وَفتح لَهُ فتحا مُبينًا) مولده فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَدخل الى الديار المصرية فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة فِي سلطنة الْملك الْأَشْرَف برسباي وَكَانَ من مماليكه ثمَّ انْتقل الى الْملك الظَّاهِر جقمق فَأعْتقهُ فنسب اليه ثمَّ رَفعه الله وساد على أقرانه الى ان ملكه الله الأَرْض وبويع لَهُ بالسلطنة بِحَضْرَة أَمِير الْمُؤمنِينَ المستنجد بِاللَّه ابي المظفر يُوسُف بن مُحَمَّد العباسي تغمده الله برحمته وقضاة الْقُضَاة ذَوي الْمذَاهب الْأَرْبَعَة بالديار المصرية وهم قَاضِي الْقُضَاة ولي الدّين أَبُو الْفضل أَحْمد الأسيوطي الشَّافِعِي وقاضي الْقُضَاة محب الدّين أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن الشّحْنَة الْحَنَفِيّ وقاضي الْقُضَاة حسام الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْحُسَيْنِي الْمَالِكِي الْمَشْهُور بِابْن حريز وقاضي الْقُضَاة عز الدّين أَبُو البركات أَحْمد الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الْحَنْبَلِيّ وأركان الدولة من الامراء والوزراء وَأَصْحَاب الْحل وَالْعقل فَكَانَ الْمُتَوَلِي لاسترعاء الْبيعَة لَهُ القَاضِي زين الدّين أَبُو بكر بن مزهر الانصاري الشَّافِعِي صَاحب ديوَان الانشاء الشريف بعد خلع الْملك الظَّاهِر تمربغا وَالْقَبْض عَلَيْهِ وَجلسَ على سَرِير الْملك الْأَشْرَف فِي بكرَة يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس شهر رَجَب الْفَرد سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة فنشر الْعدْل فِي الرّعية وَاطْمَأَنَّ النَّاس بولايته وزين بَيت الْمُقَدّس ودقت بِهِ البشائرعند وُرُود الْخَبَر بسلطنته وَكَانَ فِي ذَلِك التَّارِيخ نَاظر الْحَرَمَيْنِ بالقدس الشريف والخليل الْأَمِير حسن بن ططر الظَّاهِرِيّ ونائب السلطنة بهما الْأَمِير حسن بن ايوب وَشَيخ الصلاحية وقاضي الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة شيخ الاسلام نجم الدّين أَبُو الْبَقَاء مُحَمَّد بن جمَاعَة وقاضي الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة جمال الدّين أَبُو الْعَزْم عبد الله بن الديري وقاضي الْقُضَاة الْمَالِكِيَّة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد المعزاوي وقاضي الْقُضَاة الحنبلية شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد العليمي وَتقدم ذكرهم فِي تراجمهم فَفِي السّنة الْمَذْكُورَة وَهِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين عقب سلطنته برز مرس 3 وم شرِيف بالافراج عَن الْأُمَرَاء المقمين بالقدس الشريف من زمن الْملك الظَّاهِر خشقدم وهم بيبرس خَال الْعَزِيز وبيبرس الطَّوِيل وجائي بك المشد وَغَيرهم وتوجههم الى الديار المصرية فتوجهوا الى أَن وصلوا بِالْقربِ من الْقَاهِرَة فرسم بعودهم الى الْقُدس الشريف فعادوا على مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَحضر أَيْضا الى الْقُدس الشريف جمَاعَة من الامراء الَّذين أَمر باخراجهم من الْقَاهِرَة مِنْهُم الْأَمِير يشبك الْفَقِيه الدوادار الْكَبِير وجائي بك كوهية الدوادار الثَّانِي ومغلباي الْمُحْتَسب وَغَيرهم فَمنهمْ من أَقَامَ بالقدس الى ان توفّي وَمِنْهُم من أفرج عَنهُ وَتوجه بعد ذَلِك من الْقُدس الشريف وفيهَا - أَعنِي السّنة الْمَذْكُورَة - اسْتَقر الْأَمِير برد بك التاجي فِي وَظِيفَة نظر الْحَرَمَيْنِ عوضا عَن حسن الظَّاهِرِيّ وَاسْتقر الْأَمِير مرداش العثماني فِي نِيَابَة السلطنة الشَّرِيفَة عوضا عَن الْأَمِير حسن بن أَيُّوب وَدخل كل مِنْهُمَا الى الْقُدس