الانس الجليل (صفحة 691)

الْأَحَد رَابِع ربيع الأول وَكَانَ يَوْمًا كثير الْمَطَر ثمَّ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر جمادي الأولى توجه القَاضِي شمس الدّين الى كَنِيسَة قمامة وَهدم الدرابزين الْخشب المستجد بهَا وَنقل اخشابه الى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف بِالتَّكْبِيرِ والتهليل وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَمِنْهَا ان نَصْرَانِيّا من طَائِفَة الْحَبَش وَقع فِي حق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرفع اليه أمره واعترف عِنْده بِمَا صدر مِنْهُ فخوفه بعض النَّاس وَقَالَ لَهُ ان هَذِه الطَّائِفَة للدولة بهَا اعتناء ونخشى عَاقِبَة هَذَا من جِهَة السُّلْطَان فَلم يلْتَفت لذَلِك وَحكم بسفك دَمه وَضرب عُنُقه ثمَّ اخذه الْعَوام واحرقوه فِي صحن كَنِيسَة قمامة وَمِنْهَا انه كَانَ يُبَادر الى اطفال من يَمُوت من أهل الذِّمَّة وَيحكم باسلامهم على قَاعِدَة الْمَذْهَب فعارضه قَاض شَافِعِيّ بالقدس وَحكم لجَماعَة من أَوْلَاد الذِّمَّة ببقائهم على دينهم وتعارض الحكمان وَرفع الْأَمر للْملك الظَّاهِر جقمق وَاجْتمعَ بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية للنَّظَر فِي ذَلِك وَاتفقَ عُلَمَاء ذَلِك الْعَصْر على صِحَة الحكم بالاسلام وانه هُوَ الْمَعْمُول بِهِ وان مَا حكم بِهِ الشَّافِعِي غير صَحِيح وَطلب الْحَاكِم الشَّافِعِي للديار المصرية ورتب عَلَيْهِ التَّعْزِير وَمنع من الحكم بالقدس الشريف منعا مُؤَبَّدًا وَشرع أهل الذِّمَّة فِي الانتماء الى من لَهُ شَوْكَة من أَرْكَان الدولة لينقذهم من الحكم باسلام من مَاتَ من اولادهم فَلم يلْتَفت الى ذَلِك وَلم يزل مصمما على الحكم بذلك كلما رفع اليه الى ان لحق بِاللَّه تَعَالَى وَاسْتمرّ بالقدس الى ان عزل عَن الْقَضَاء فِي شهر جمادي الأولى سنة ثَلَاث وَسبعين وَورد عَلَيْهِ توقيع السُّلْطَان بِقَضَاء الرملة فَتوجه اليها فِي يَوْم الْأَحَد خَامِس رَمَضَان واقام بهَا تِسْعَة وَخمسين يَوْمًا وَتُوفِّي بالطاعون بعد أَذَان الظّهْر من يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع شهر ذِي الْقعدَة الْحَرَام سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِالدَّار الكائنة بداخل مَسْجِد شَيْخه الْعَلامَة شهَاب الدّين بن أرسلان رَضِي الله عَنهُ بحارة الباشقردي وَصلي عَلَيْهِ من يَوْمه بعد الْعَصْر بِجَامِع السُّوق وَدفن على بَاب الْجَامِع الْأَبْيَض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015