ثمَّ قدر الله تَعَالَى أَن الشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري لما استوطن بَيت الْمُقَدّس قرر فِيهَا وَسكن بهَا فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة فأنشده كَذَاك إلهي قد حباني بِمَا حبا بِهِ الشَّيْخ استاذي لقد نَالَ سؤله فحمدا وشكرا يَا إلهي وانه دَلِيل على أَنِّي محب أَخ لَهُ وَلم يزل مُقيما بهَا إِلَى سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة فَوَقَعت الْفِتْنَة الَّتِي بِسَبَب كَنِيسَة الْيَهُود - وسنذكرها فِيمَا بعد فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان - فَطلب الى الْقَاهِرَة وامتحن وَمنع من سُكْنى الْقُدس وَاسْتمرّ مُقيما بِالْقَاهِرَةِ إِلَى سنة ثَمَان وثلامانين ثمَّ قدم بلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأقَام بهَا متصديا لاشتغال الطّلبَة إِلَى أَن توفّي فِي سادس عشري شهر ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة شَهِيدا بالبطن وَصلي عَلَيْهِ بالحضرة الشَّرِيفَة الخليلية وَدفن بزاوية الشَّيْخ عَليّ البكا وَترك الشَّيْخ برهَان الدّين وَلدين احدهما الشَّيْخ الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو الْجُود مُحَمَّد مولده بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة ووالسلام فِي شعْبَان سنة خمس واربعين وَثَمَانمِائَة حفظ الْقُرْآن والمنهاج وألفيه من مَالك والجزرية وَبَعض الشاطبية واشتغل على وَالِده ثمَّ أخذعن جمَاعَة من الْعلمَاء بالديار المصرية أَجلهم شيخ الاسلام قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين يحيى الْمَنَاوِيّ وَمِنْهُم الشَّيْخ كَمَال الدّين إِمَام الكاملية وَأخذ الْعُلُوم عَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الشمني الْحَنَفِيّ وَفضل وتميز وأجيز بالافتاء والتدريس وَأعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية فِي زمن شيخ الاسلام كَمَال الدّين ابْن أبي شرِيف وَله تصانيف مِنْهَا شرح الجرومية وَشرح الْمُقدمَة الجزرية وَشرح مُقَدّمَة الْهِدَايَة فِي عُلُوم الرِّوَايَة للجزري وَشرح مَعُونَة الطالبين فِي معرفَة إصطلاح المعربين وَقطعَة من شرح تَنْقِيح اللّبَاب لشيخ الاسلام ولي الدّين الْعرَاق وَغير ذَلِك من التَّعَالِيق والفوائد ودرس وَأفْتى فِي حَيَاة وَالِده وَبعده مَعَ وجود أَعْيَان الْعلمَاء وَهُوَ مُسْتَمر على ذَلِك إِلَى يَوْمنَا