الى هَذَا التَّارِيخ فَتكون مُدَّة لبثها بيد الافرنج نَحْو مائَة وَخمْس وَثَمَانِينَ سنة وشهروا وَلم يَجْسُر أحد من الْمُلُوك مثل صَلَاح الدّين وَغَيره على التَّعَرُّض لَهَا وَإِلَى المرقب فيسر الله تَعَالَى على يَده وَمن حَسَنَاته بالقدس الشريف أَنه عمر سقف الْمَسْجِد الْأَقْصَى من جِهَة الْقبْلَة مِمَّا يَلِي الغرب عِنْد جَامع الانبياء وَله الرِّبَاط المنصوري الْمَشْهُور بِبَاب النَّاظر وَهُوَ رِبَاط فِي غَايَة الْحسن وَالْبناء الْمُحكم ورخم دَاخل الْحُجْرَة الخليلية فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَعمر بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الرِّبَاط والبيمارستان وَله غير ذَلِك توفّي رَحمَه الله فِي سادس ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَمُدَّة ملكه نَحْو احدى عشرَة سنة وَثَلَاثَة اشهر وأياما وَكَانَ ملكا مهيبا حَلِيمًا قَلِيل سفك الدِّمَاء شجاعا عَفا الله عَنهُ ثمَّ تسلطن بعده وَلَده السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف صَلَاح الدّين خَلِيل وَكَانَ الْخَلِيفَة الْحَاكِم بِأَمْر الله أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد العباسي وَفتح عكا بِالسَّيْفِ وَقتل أَهلهَا وأخربها ودكها دكا وَفتح عدَّة حصون ومدن واخلى الافرنج من صيدا وبيروت وتسلمها السُّلْطَان الْأَشْرَف وَكَذَلِكَ هرب أهل مَدِينَة صور فَأرْسل السُّلْطَان وتسلمها وتسلم عثليث وانطرسوس وَذَلِكَ جَمِيعه فِي سنة تسعين وسِتمِائَة وَاتفقَ لهَذَا السُّلْطَان من السَّعَادَة مَا لم يتَّفق لغيره فتح هَذِه الْبِلَاد الْعَظِيمَة الحصينة من غير قتال وَلَا تَعب وَأمر بهَا فخربت عَن آخرهَا وتكملت بِهَذِهِ الفتوحات جَمِيع الْبِلَاد الساحلية الاسلامية وَكَانَ الْأَمر لَا يطْمع فِيهِ وَلَا يرام وتطهرت الشَّام والسواحل من الافرنج بعد أَن كَانُوا اشرفوا على الديار المصرية وعَلى ملك دمشق وَغَيرهَا من الشَّام وَللَّه الْحَمد والْمنَّة وَكَانَ انْقِطَاع الافرنج وَزَوَال دولتهم من بِلَاد الاسلام والسواحل زوالا لَا رُجُوع بعده فِي هَذِه السّنة وَهِي سنة تسعين وسِتمِائَة على يَد الْملك الْأَشْرَف