وَفِي سنة سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة حج الى بَيت الله الْحَرَام وزار الْمَدِينَة الشَّرِيفَة وَفِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة حضر الى الْقُدس الشريف وَعمر مقَام سيدنَا مُوسَى الكليم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَمَا تقدم عِنْد ذكر قصَّته فانه توجه لزيارته وَمر فِي طَرِيقه على دير السيق ومسافته عَن بَيت الْمُقَدّس نَحْو نصف بريد وَهُوَ لِلنَّصَارَى فَوجدَ حول الدَّيْر قلالي للرهبان عامرة مسكونة واحضروا لَهُ ضِيَافَة فاستكثرها فَقيل لَهُ ان هَا هُنَا جمَاعَة من الرهبان فِي القلالي الْمَذْكُورَة نَحْو ثلثمِائة رَاهِب فَأمر بهدم القلالي خوفًا على بَيت الْمُقَدّس من الْعَدو المخذول وَفِي سنة تسع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة فتح حصن الأكراد وحصن عكا والقرى وَغير ذَلِك وَله بالقدس حَسَنَات مِنْهَا أَنه اعتنى بعمارة الْمَسْجِد وجدد فصوص الصَّخْرَة الشَّرِيفَة الَّتِي على الرخام من الظَّاهِر وَعمر الخان الْكَائِن بِظَاهِر الْقُدس الشريف من جِهَة الغرب الى الشمَال الْمَعْرُوف بخان الظَّاهِر وَكَانَ بِنَاؤُه فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَنقل اليه بَاب قصر الْخُلَفَاء الفاطميين ووقف عَلَيْهِ نصف قَرْيَة لفتا وَغَيرهَا من الْقرى بأعمال دمشق وَجعل بالخان فرنا وطاحونا وَجعل لِلْمَسْجِدِ الَّذِي فِيهِ إِمَامًا وَشرط فِيهِ اشياء من فعل الْخَيْر من تفرقه الْخبز على بَابه وَإِصْلَاح حَال النازلين بِهِ وأكلهم وَغير ذَلِك وَقد أَخذ الْوَقْف الَّذِي بِالشَّام وَانْقطع مَا كَانَ شَرط فِيهِ من الْخبز وَغَيره لفساد الزَّمَان وتلاشي الاحوال وَهُوَ الَّذِي جدد الْقُضَاة الثَّلَاث بالمملكة بعد أَن لم يكن بهَا سوى القَاضِي الشَّافِعِي فَقَط وَكَانَ يسْتَخْلف من بَقِيَّة الْمذَاهب وَكَانَت ولَايَته الْقُضَاة الثَّلَاثَة بِمصْر فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَفِي الشَّام فِي سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَكَانَ ملكا جَلِيلًا شجاعا أبطل الْمَظَالِم واسقط تشفع الْأَمْلَاك وَكَانَ جملَة مَا يحمل مِنْهَا الى الدِّيوَان الف الف دِينَار واهتم بعمارة الْمَسْجِد الشريف النَّبَوِيّ