المسافرون انها من الْمُفْردَات لَيْسَ لَهَا نَظِير وَكَانَ الْفَرَاغ من بناءها فِي نصف شعْبَان سنة ثَمَانِيَة عشر وَسَبْعمائة وَلم يبْق حول الْجَامِع الْمَذْكُور من الابنية الْقَدِيمَة سوى حارة بجواره من جِهَة الشمَال حكمهَا حكم الْقرى وَأما الْمَدِينَة فَصَارَت مُنْفَصِلَة عَنهُ وَهَذَا الْجَامِع بِنَاء بعض الْخُلَفَاء الامويين وَهُوَ سُلَيْمَان بن عبد الْملك - الْمُتَقَدّم ذكره - لما ولي الْخلَافَة فِي سنة سِتّ وَتِسْعين من الْهِجْرَة الشَّرِيفَة وَهُوَ جَامع متسع مأنوس عَلَيْهِ الابهة وَالْوَقار والنورانية وَيعرف فِي عصرنا وَقَبله بالجامع الْأَبْيَض وَفِي صحنه السماوي مغارة تَحت الأَرْض مهيبة يُقَال أَن بهَا دفن سيدنَا صَالح النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَتقدم ذكر ذَلِك ثمَّ جدد عمَارَة الْجَامِع الْأَبْيَض فِي زمن الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين على يَد رجل من دولته اسْمه الياس بن عبد الله اُحْدُ جمَاعَة الْأَمِير علم الدّين قَيْصر عين الْأُمَرَاء بالدولة الصلاحية كَانَت عِمَارَته فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة ثمَّ لما فتح الْملك الظَّاهِر بيبرس يافا فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة عمر الْقبَّة الَّتِي على الْمِحْرَاب وَالْبَاب الْمُقَابل للمحراب وَهُوَ المجاور للمنبر الَّذِي يخْطب عَلَيْهِ للعيد وَعمر المنارة الْقَدِيمَة وَقد زَالَت وَبنى عوضهَا المنارة الْمَوْجُودَة الْآن وَأما الْمَدِينَة يَوْمئِذٍ فقد تقهقرت ونقصت جدا وَقل ساكنها وَمَعَ ذَلِك فَهِيَ مَقْصُودَة للْبيع وَالشِّرَاء وَلَا تَخْلُو من بركَة فِي معيشتها ببركة أرْضهَا وسكانها من الْأَنْبِيَاء وَالصَّحَابَة وَالْعُلَمَاء والأولياء فَإِن فِيهَا السَّيِّد الْجَلِيل الْفضل بن الْعَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَهُوَ ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ وَالِده الْعَبَّاس يكنى بِهِ وَهُوَ الَّذِي غسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما توفّي - كَمَا تقدم - ووفاته فِي طاعون عمواس فِي سنة ثَمَانِيَة عشر من الْهِجْرَة الشَّرِيفَة وَهُوَ فِي مشْهد يقْصد للزيارة وَقد بنى عَلَيْهِ الْأَمِير شاهين الكمالي استادا الرملة مَنَارَة وَجعل فِيهَا مَسْجِدا جَامعا تُقَام فِيهِ الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة ووقف عَلَيْهِ أَمَاكِن ورتب فِيهِ وظائف وَكَانَت عِمَارَته