أَتَوا بهَا وَحملُوهَا على بغلة فَعَثَرَتْ بهَا فدعَتْ الله أَن يعقم رَحمهَا فعقمت من يَوْمئِذٍ فَلَمَّا أتتها وشربت مِنْهَا لم تَزْدَدْ إِلَّا خيرا فدعَتْ الله أَن لَا يفضح بهَا أمْرَأَة مُؤمنَة فغارت تِلْكَ الْعين من يؤمئذ (بِئْر ايوب) وَهُوَ بِالْقربِ من عين سلوان نسبته الى سيدنَا أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام وَحكى صَاحب كتاب الانس فِي معنى هَذِه الْبِئْر قَالَ قَرَأت بِخَط ابْن عمي أبي مُحَمَّد الْقَاسِم واجازه لي قَالَ قَرَأت فِي بعض التواريخ إِنَّه ضَاقَ المَاء فِي الْقُدس بِالنَّاسِ فاحتاجوا الى بِئْر هُنَاكَ فنزلوها طولهَا ثَمَانُون ذِرَاعا وسعة رَأسهَا بضعَة عشر ذِرَاعا وعرضها اربعة أَذْرع وَهِي مطوية بحجارة عَظِيمَة كل حجر مِنْهَا خَمْسَة اذرع واقل واكثر فِي سمك ذراعين وذراع فعجبت كَيفَ نزلت هَذِه الْحِجَارَة الى ذَلِك الْمَكَان وَمَاء الْعين بَارِد خَفِيف ويستقى مِنْهَا المَاء طول السّنة من ثَمَانِينَ ذِرَاعا واذا كَانَ فِي الشتَاء فاض مَاؤُهَا وفار حَتَّى يسيح على وَجه الأَرْض فِي بطن الْوَادي وتدور عَلَيْهِ ارحية تطحن الدَّقِيق فَلَمَّا احْتِيجَ اليه وَإِلَى عين سلوان نزلت الى قَرَار الْبِئْر وَمَعِي جمَاعَة من الصناع لأثقبها فَرَأَيْت المَاء يخرج من حجر يكون قدره نَحْو ذراعين فِي مثلهَا وَبهَا مغارة فتح بَابهَا ثَلَاثَة أَذْرع فِي ذِرَاع وَنصف يخرج مِنْهَا ريح بَارِد شَدِيد الْبرد وَأَنه حط فِيهِ الضَّوْء فَرَأى المغارة مطوية السّقف بِحجر وَدخل الى قريب مِنْهَا وَلم يثبت لَهُ الضَّوْء فِيهَا من شدَّة الرّيح الَّذِي يخرج مِنْهَا وَهَذِه الْبِئْر فِي بطن الْوَادي والمغارة فِي بَطنهَا وَعَلَيْهَا وحولها من الْجبَال الْعَظِيمَة الشاهقة مَا لَا يُمكن لانسان ان يرتقي عَلَيْهَا إِلَّا بِمَشَقَّة وَهِي الَّتِي قَالَ الله تَعَالَى لنَبيه أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام (اركض برجلك هَذَا مغتسل بَارِد وشراب) انْتهى كَلَامه وَهَذِه الْبِئْر مَشْهُورَة مَعْرُوفَة فِي كل سنة عِنْد قُوَّة الشتَاء وَكَثْرَة الأمطار