الانس الجليل (صفحة 484)

قلت وَالَّذِي يظْهر أَن المُرَاد بِتِلْكَ الْأَسْوَاق الثَّلَاثَة الْمَوْجُودَة الْآن وان تِلْكَ الْأَوْصَاف الْقَدِيمَة ذهبت واستجد مَكَانهَا الْبُنيان الْمَوْجُود فِي عصرنا وَالله أعلم وَفِي الْقُدس الشريف عدَّة من الْكَنَائِس والديارات من زمن الرّوم نَحْو عشْرين مَكَانا وعمدة النَّصَارَى مِنْهَا كَنِيسَة قمامة فَإِنَّهَا عِنْدهم بمَكَان عَظِيم وبناؤها فِي غَايَة الاحكام والاتقان ويقصدونها فِي كل سنة فِي عدَّة اوقات من بِلَاد الرّوم والافرنج وَمن بِلَاد الارمن وَمن الديار المصرية والمملكة الشامية وَسَائِر الاقطار ويسمونها الْقِيَامَة ويزعمون ان حجهم اليها وَقد تقدم ذكر طرف من اخبارها وَمَا وَقع فِيهَا من الْهدم وَالْبناء قبل اسْتِيلَاء الافرنج على بَيت الْمُقَدّس ويليها كَنِيسَة صهيون المختصة بالافرنج وَهِي فِي آخر مَدِينَة الْقُدس من جِهَة الْقبْلَة ثمَّ كَنِيسَة مار يَعْقُوب وتعرف بدير الأرمن وَهِي بِالْقربِ من صهيون وكنيسة المصلبية المختصة بطَائفَة الكرج وَهِي ظَاهر الْقُدس الشريف من جِهَة الغرب فَهَذِهِ الاربع كنائس وَهِي عُمْدَة النَّصَارَى وَالنِّهَايَة عِنْدهم كَنِيسَة قمامة وَكَانَت كَنِيسَة المصلبية قد اخذت من النَّصَارَى فِي دولة الْملك النَّاصِر مُحَمَّد ابْن قلاوون وَجعل فِيهَا مَسْجِدا فَلَمَّا كَانَ فِي سنة خمس وَسَبْعمائة وصلت رِسَالَة من جِهَة ملك الكرج ورسل من جِهَة صَاحب قسطنطينية الى نَائِب الْملك النَّاصِر الْمشَار اليه وسألوا فِي إِعَادَة الْكَنِيسَة لَهُم فَلَمَّا توصلوا وتشفعوا فِي ذَلِك اعيدت لَهُم وسلمت الى رسلهم وَلَو شرعنا نذْكر مَا فِي بَيت الْمُقَدّس من الابنية والأماكن لطال الْكَلَام وَخَرجْنَا عَن حد الِاخْتِصَار وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ كِفَايَة فان كل من صنف فِي فَضَائِل بَيت الْمُقَدّس وفتحه لم يتَعَرَّض لشَيْء من ذَلِك وَالله أعلم وَأما مَا فِي الْقُدس الشريف من الحارات الْمَشْهُورَة فَمِنْهَا حارة المغاربة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015