وَكَانَ الْملك الْمُعظم عَالما فَاضلا وَكَانَ حنفياً متعصباً لمذهبه وَخَالف جَمِيع أهل بَيته فَإِنَّهُم كَانُوا شافعية وَله بالقدس مدرسة الحنيفية عِنْد بَاب الْمَسْجِد الْأَقْصَى الْمَعْرُوف الْآن بِبَاب الدويدارية وَبنى على آخر صحن الصَّخْرَة من جِهَة الْقبْلَة مَكَانا يُسمى النحوية للاشتغال بِعلم الْعَرَبيَّة ووقف عل ذَلِك أوقافاً حَسَنَة وَفِي أَيَّامه جددت عمَارَة القناطر الَّتِي على درج الصَّخْرَة القبلي عِنْد قبَّة الطومار وَغير ذَلِك بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وغالب الْأَبْوَاب الْخشب المركبة عل أَبْوَاب الْمَسْجِد عملت فِي أَيَّامه واسْمه مَكْتُوب عَلَيْهَا وَعمر مَسْجِد الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام ووقف عَلَيْهِ قريتي دورا كفر بريك وَلما غَابَ عَن الْقُدس كتب إِلَيْهِ بعض أصدقائه غبت عَن الْقُدس فأوحشته لما غَدا بِاسْمِك مأنوسا وَكَيف لَا تلْحقهُ وَحْشَة وَأَنت روح الْقُدس يَا عِيسَى وَفِي سنة سبع عشرَة وسِتمِائَة فتح الْملك الْمُعظم قيسارية وهدمها وَفِي سنة ثَمَانِي عشرَة قو طمع الإفرنج المتملكين دمياط فِي ملك الديار المصرية وتقدموا عَن دمياط إِلَى جِهَة مصر ووصلوا إِلَى المنصورة وَاشْتَدَّ الْقِتَال بَين الْفَرِيقَيْنِ برا وبحراً وككتب السُّلْطَان الْملك الْكَامِل متواترة إِلَى اخوته وَأهل بَيته يستحثهم على انجاده فَسَار الْملك الْمُعظم عِيسَى صَاحب دمشق بعسكره وَأَخُوهُ الْملك الْأَشْرَف مظفر الدّين مُوسَى صَاحب الْبِلَاد الشرقية بعساكره واستصحب حلب وَالْملك النَّاصِر قلج ارسلان صَاحب حماله وَصَاحب بعلبك الْملك الأمجد بهْرَام شاه وَصَاحب حمص أَسد الدّين شيركوه ووصلوا إِلَى الْملك الْكَامِل وَهُوَ فِي قتال الإفرنج على المنصورة فَركب والتقى مَعَ اخوته وَمن فِي صحبتهم من الْمُلُوك وَأكْرمهمْ فَقَوِيت نفوس الْمُسلمين وضعفت نفوس الإفرنج لما شاهدوه من كَثْرَة العساكر الإسلامية وتجمعهم وَاشْتَدَّ الْقِتَال بَين الْفَرِيقَيْنِ ورسل الْملك الْكَامِل واخوته مترددة إِلَى الإفرنج