لَا يرَوْنَ فِي مَاء الْحَدِيد لَهُم عصره وَلَا فِي نَار الأنفة لَهُم نَصره قد ضربت عَلَيْهِم الذلة والمسكنة وَبدل الله مَكَان السَّيئَة الْحَسَنَة وَنقل بَيت عِبَادَته من أَيدي أَصْحَاب المشئمة إِلَى أَيدي أَصْحَاب الميمنة وَكَانَ الْخَادِم لَقِيَهُمْ اللقاءه الأولى فأمده الله بمداركته وانجده بملائكته فكسرهم كسرة مَا بعدهمْ جبر وصرعهم صرعة لَا ينتعش بعْدهَا بِمَشِيئَة الله كفر وَأسر مِنْهُم مِمَّن أسرت بِهِ السلَاسِل وَقتل مِنْهُم من فتكت بِهِ المناصل وأجلت المعركة عَن صرع من الْخَيل وَالسِّلَاح وَالْكفَّار وَعَن المصاف بخيل فَإِن قَتلهمْ بِالسُّيُوفِ الأفلاق والرماح الاكسار فنيلوا بثار من السِّلَاح ونالوه أَيْضا بثار فكم أهلة سيوف تقارض الضراب بهَا حَتَّى عَادَتْ كالعراجين وَكم انجم قِنَا تبادلت الطعان حَتَّى صَارَت كالمطاعين وَكم فارسية ركض عَلَيْهَا فارسها الشهم إِلَى أجل فاختلسه وفغرت تِلْكَ الْقوس فاها فَإِذا قوها قد نهش الْقرن عل بعد الْمسَافَة وافترسه وَكَانَ الْيَوْم مشهوداً وَكَانَت الْمَلَائِكَة شُهُودًا وَكَانَ الصَّلِيب صَارِخًا وَكَانَ الْإِسْلَام مولوداً وَكَانَت ضلوع الْكفَّار لنار جَهَنَّم وقوداً واسر الْملك وَبِيَدِهِ أوثق وثَاقه وآكد وَصله بِالدّينِ وعلائقه وَهُوَ صَلِيب الصلبوت وقائد أهل الجبروت مَا دهموا قطب أَمر إِلَّا وَقَامَ بَين دهمائهم يبسط لَهُم بَاعه فَكَانَ مد الْيَدَيْنِ فِي هَذِه الوقع وداعه لَا جرم إِنَّه تتهافت على ناره فراشهم ويجتمع فِي ظلّ ظلاله خشاشهم ويقاتلون تَحت ذَلِك الصَّلِيب أَصْلَب قتال وأصدقه ويرونه ميثاقاً يبنون عَلَيْهِ أَشد عقد وأوثقه ويعدونه سوراً تحفر حوافر الْخَيل خندقه وَفِي هَذَا الْيَوْم أسرت سراتهم ودهيت دهاتهم وَلم يفلت مِنْهُم مَعْرُوف إِلَّا القومص وَكَانَ لَعنه الله ملباً يَوْم الظفر بِالْقِتَالِ وملياً يَوْم الخذلان بالاحتيال فنجا وَلَكِن كَيفَ وطار خوفًا من أَن يلْحقهُ منسر الرمْح أَو جنَاح السَّيْف ثمَّ أَخذه الله بعد أَيَّام بِيَدِهِ وأهلكه لموعده فَكَانَ لعدتهم فَذا لَك وانتقل من ملك الْمَوْت إِلَى مَالك وَبعد الكسرة مر الْخَادِم على الْبِلَاد فطواها بِمَا نشر عَلَيْهَا من الرَّايَة العباسية السَّوْدَاء صبغا الْبَيْضَاء