وَلما وصل خبر الْخطْبَة العباسية بِمصْر إِلَى بَغْدَاد ضربت لَهَا البشائر عدَّة أَيَّام وسيرت الْخلْع مَعَ عماد الدّين صندل وَهُوَ من خَواص الخدام المنسوبة إِلَى نور الدّين وَصَلَاح الدّين والخطباء وسيرت الْأَعْلَام السود ثمَّ توفّي وَالِد الْملك صَلَاح الدّين وَهُوَ الْملك الْأَفْضَل نجم الدّين أَبُو الشُّكْر أَيُّوب وَكَانَ وَلَده غَائِبا عَن الْقَاهِرَة فِي جِهَة الكرك لِأَنَّهُ كَانَ قاصدها لغزو الإفرنج فَلَمَّا عَاد وجد أَبَاهُ قد مَاتَ وَسبب مَوته إِنَّه ركب بِمصْر فنفرت بِهِ فرسه فَوَقع فَحمل إِلَى قصره وَبَقِي أَيَّامًا وَمَات فِي السَّابِع وَالْعِشْرين من ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ خيرا عَاقِلا حسن السِّيرَة كَرِيمًا كثير الْإِحْسَان وَدفن إِلَى جَانب أَخِيه شيركوه ثمَّ نقلا بعد سنتَيْن إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة عل ساكنها أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ دخلت سنة تسع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة فَتوفي فِيهَا الْملك الْعَادِل نور الدّين الشَّهِيد هُوَ أَبُو الْقَاسِم مَحْمُود بن الْملك الْمَنْصُور عماد الدّين أبي الْجُود زنكي بن أق سنقر تغمده الله برحمته ومولده فِي شَوَّال سنة إِحْدَى عشرَة وَخَمْسمِائة وَكَانَت وَفَاته يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشر شَوَّال سنة تسع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ ملكه لدمشق فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة بعد أَن ملك حلب وَغَيرهمَا من قبل ذَلِك وَكَانَ ملكا عادلاً مُجَاهدًا خيرا فتح الفتوحات واتسع ملكه وخطب لَهُ بالحرمين واليمن ومصر وخطب لَهُ فِي الدُّنْيَا عل جَمِيع مَنَابِر الْإِسْلَام وبن السبل وَالْمكَاتب وأكمل سور الْمَدِينَة الشَّرِيفَة وطبق ذكره الأَرْض بِحسن سيرته وعدله وزهده رَضِي الله عَنهُ وَاسْتقر بعده فِي الْملك بِدِمَشْق وَلَده الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل فقصد الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين دمشق وَأَخذهَا وَكَانَ الصَّالح توجه إِلَى حلب ليقيم بهَا وَثبتت قدم الْملك صَلَاح الدّين وَقرر أَمر دمشق وَكَانَ دُخُوله إِلَيْهَا فِي سلخ ربيع الأول سنة سبعين وَخَمْسمِائة ثمَّ سَار إِلَى حمص وحماه وملكهما ثمَّ إِلَى حلب وحاصرها فَلم يقدر على أَخذهَا لِأَن أَهلهَا صدوه عَنْهَا محبَّة فِي الْملك الصَّالح