ثمَّ دخلت سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة أُقِيمَت الْخطْبَة العباسية بِمصْر وَقطعت خطْبَة العاضد لدين الله وانقرضت الدولة العلوية الفاطمية وَكَانَ سَبَب الْخطْبَة العباسية بِمصْر إِنَّه لما تكن الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين من مصر وَحكم عل الْقصر وَأقَام فِيهِ قراقوش الْأَسدي وَكن خَصيا أَبيض وَبلغ نور الدّين ذَلِك أرسل إِلَى صَلَاح الدّين يَأْمُرهُ حتما جزما بِقطع خطْبَة العلويين وَإِقَامَة الْخطْبَة العباسية فَرَاجعه صَلَاح الدّين فِي ذَلِك خوف الْفِتْنَة فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ نور الدّين وأصر عل ذَلِك وَكَانَ العاضد قد اشْتَدَّ مَرضه فَلم يعلم أحد من أَهله بِقطع خطبَته فَتوفي العاضد يَوْم عَاشُورَاء سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَلم يعلم بِقطع خطبَته وَاسْتولى صَلَاح الدّين عل قصر الْخلَافَة وعَلى جَمِيع مَا فِيهِ وَكَانَت كثرته تخرج عَن الإحصاء وَنقل أهل العاضد إِلَى مَوضِع من الْقصر ووكل بهم من يحفظهم وخلا الْقصر من سكانه (كَأَن لم يغن بالْأَمْس) وَهَذَا العاضد هُوَ آخر خلفاء الفاطميين وَجُمْلَة مدتهم من حِين ظُهُور جدهم الْمهْدي بِاللَّه عبيد الله بجلماسة فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ إِلَى أَن توفّي العاضد فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور مِائَتَان وَسَبْعُونَ سنة وَنَحْو شهر وَهَذَا دأب الدُّنْيَا لم تعط إِلَّا واستردت وَلم تحل إِلَّا وتمررت وَلم تصف إِلَّا وتكررت بل صفوها لَا يَخْلُو من الكدر وانقرضت دولتهم فِي خلَافَة المستضئ بِأَمْر الله العباسي - كَمَا تقدم -