أَهلهَا وَأسرُوهُمْ ثمَّ سَارُوا من بلبيس ونزلوا عل الْقَاهِرَة عَاشر صفر وحاصروها وَكَانَ وَزِير العاضد أَمِير الجيوش شاور فَأحرق شاور مَدِينَة مصر خوفًا من أَن يملكهَا الإفرنج وَأمر أَهلهَا بالانتقال إِلَى الْقَاهِرَة فَبَقيت النَّار تحرقها أَرْبَعَة وَخمسين يَوْمًا وَأرْسل العاضد الْعلوِي خَليفَة مصر إِلَى السُّلْطَان نور الدّين الشَّهِيد يستغيث بِهِ وَأرْسل فِي الْكتب شُعُور النِّسَاء وَصَالح شاور الإفرنج عل ألف ألف دِينَار يحملهَا إِلَيْهِم فَحمل إِلَيْهِم مائَة ألف دِينَار وسألهم أَن يرحلوا عَن الْقَاهِرَة ليقدر عل جمع المَال وَحمله فرحلوا وَلما وصل إِلَى السُّلْطَان نور الدّين كتب العاضد جهز الْأَمِير أَسد الدّين شيركوه بن شادي إِلَى الديار المصرية وَمَعَهُ العساكر النورية وَأنْفق فيهم الْأَمْوَال وَأعْطى شيركوه مِائَتي ألف دِينَار سوى الثِّيَاب وَالدَّوَاب والأسلحة وَغير ذَلِك وَأرْسل مَعَه عدَّة أُمَرَاء مِنْهُم ابْن أَخِيه صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب الَّذِي تسلطن فِيمَا بعد وَكَانَ مسير صَلَاح الدّين عل كره مِنْهُ أحب نور الدّين مسير صَلَاح الدّين وَفِيه ذهَاب الْملك من بَين يَدَيْهِ وَكره صَلَاح الدّين الْمسير وَفِيه سعادته وَملكه (وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم وَعَسَى أَن تحبوا شَيْئا وَهُوَ شَرّ لكم) فَإِن نور الدّين أمره بِالْمَسِيرِ مَعَ عَمه شيركوه وَكَانَ شيركوه قد قَالَ بِحَضْرَة نور الدّين تجهز يَا يُوسُف فَقَالَ وَالله لَو أَعْطَيْتنِي ملك مصر مَا سرت إِلَيْهَا فَلَقَد قاسيت بالإسكندرية مَا لَا أنساه أبدا فَقَالَ شيركوه لنُور الدّين لَا بُد من مسيره معي فَأمره نور الدّين وَهُوَ يسْتَقْبل فَقَالَ نور الدّين لَا بُد من مسيرك مَعَ عمك فَشكى الضيقة فَأعْطَاهُ مِمَّا تجهز بِهِ فَكَأَنَّمَا يساق إِلَى الْمَوْت وَلما قرب شيركوه من مصر رَحل الإفرنج من ديار مصر عل أَعْقَابهم إِلَى بِلَادهمْ فَكَانَ هَذَا الْمصر فتحا شَدِيدا وَوصل أَسد الدّين شيركوه إِلَى الْقَاهِرَة فِي رَابِع ربيع الآخر وَاجْتمعَ