قَالَ فَقُمْت ذَات لَيْلَة بعد مَا مضى من اللَّيْل طَوِيل فَنَظَرت فَلم أر فِي الْمَسْجِد متهجداً وَذكر إِنَّه سمع قَائِلا ينشد شعرًا
(أيا عجبا للنَّاس لذت عيونهم ... مطاعم غمض بعده الْمَوْت ينْتَصب) قَالَ فَسَقَطت على وَجْهي وَذهب عَقْلِي فَلَمَّا أَفَقْت نظرت وَإِذا لم يبْق متهجد إِلَّا قَامَ وَقيل إِنَّه دخل بَيت الْمُقَدّس فِي زمن بني إِسْرَائِيل خَمْسمِائَة عذراء لباسهن الصُّوف يتذاكرن ثَوَاب الله تعال وعقابه فمتن جَمِيعًا من الْخَوْف وروى الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شهَاب إِنَّه صَبِيحَة قبل الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ لم يرفع حجر فِي بَيت الْمُقَدّس إِلَّا وجد تَحْتَهُ دم وَكَذَلِكَ يَوْم قتل وَالِده عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا وَكَانَ قتل الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ بكر بلَاء يَوْم عَاشُورَاء سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ من الْهِجْرَة (ذكر جمَاعَة من أَعْيَان التَّابِعين) وَالْعُلَمَاء والزهاد مِمَّن دخلُوا بَيت الْمُقَدّس بعد الْفَتْح الْعمريّ وَعمارَة عبد الْملك بن مَرْوَان فَمنهمْ من دخله زَائِرًا وَمِنْهُم من دخله مستوطناً وَذَلِكَ قبل اسْتِيلَاء الإفرنج عَلَيْهِ فَمنهمْ جمَاعَة لم أطلع على تَارِيخ وفاتهم وهم أويس بن عَامر الْقَرنِي من بني قرن صَحَّ عَن رَسُول الله صل الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه أَمر عمر أَن يسْأَله أَن يسْتَغْفر لَهُ قيل إِنَّه اجْتمع بعمر رَضِي الله عَنهُ بِبَيْت الْمُقَدّس وَقيل إِنَّمَا لقِيه فِي الْمَوْسِم فَقَالَ لعمر قد حججْت واعتمرت وَصليت فِي مَسْجِد رَسُول الله صل الله عَلَيْهِ وَسلم ووددت لَو إِنِّي صليت فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى فجهزه عمر وَأحسن جهازه وأتى الْمَسْجِد الْأَقْصَى فصلى فِيهِ ثمَّ أُتِي الْكُوفَة وَخرج غازياً رَاجِلا إِلَى بَغْدَاد فَأَصَابَهُ الْبَطن والتجأ إِلَى أهل خيمة فَمَاتَ عِنْدهم وَمَعَهُ