فَخَشِينَا أَن يقدم أَمِير الْمُؤمنِينَ فيغدر الْقَوْم ويرجعوا فَيكون مسيرك - أصلحك الله - عناء وفضلا فأخذنا عَلَيْهِم المواثيق الْمُغَلَّظَة بإيمَانهمْ ليقبلن وليؤدن الْجِزْيَة وليدخلن فِيمَا دخل فِيهِ أهل الذِّمَّة فَفَعَلُوا فَإِن رَأَيْت أَن يقدم فافعل فَإِن فِي مسيرك أجرا وصلاحاً آتاك الله رشدك وَيسر أَمرك وَالسَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وَبعث الْمُسلمُونَ إِلَيْهِ وَفْدًا وَبعث الرّوم وَفْدًا مَعَ الْمُسلمين حَتَّى أَتَوا الْمَدِينَة فَجعلُوا يسْأَلُون عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ الرّوم لترجمانهم عَمَّن يسْأَلُون فَقَالَ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِم وَقَالُوا هَذَا الَّذِي غلب فَارس وَالروم وَأخذ كنوز كسْرَى وَقَيْصَر لَيْسَ لَهُ مَكَان مَعْرُوف بِهَذَا غلب الْأُمَم فوجدوه وَقد ألْقى نَفسه حِين أَصَابَهُ الْحر نَائِما فازدادوا تَعَجبا فَلَمَّا قدم الْكتاب عل عمر رَضِي الله عَنهُ دَعَا برؤساء الْمُسلمين إِلَيْهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِم كتاب أبي عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ واستشارهم فِي الَّذِي كتب إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ إِن الله تَعَالَى قد أذلّهم وحصرهم وضيق عَلَيْهِم وَهُوَ فِي كل يَوْم يزدادون نقصا وهزالا وضعفاً ورعباً فَإِن أَنْت أَقمت وَلم تسر إِلَيْهِم رَأَوْا إِنَّك بأمرهم مستخف ولشأنهم حاقر غير مُعظم فَلَا يلبثُونَ إِلَّا قَلِيلا حَتَّى ينزلُوا عل الحكم ويعطوا الْجِزْيَة فَقَالَ عمر مَا ترَوْنَ هَل عِنْد أحدكُم رَأْي غير هَذَا؟ فَقَالَ عَليّ ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ نعم عِنْدِي غير هَذَا الرَّأْي قَالَ مَا هُوَ؟ قَالَ إِنَّهُم قد سَأَلُوا الْمنزلَة الَّتِي فِيهَا الذل الصغار وَهُوَ عل الْمُسلمين فتح وَلَهُم فِيهِ عز وهم يعطونكها الْآن فِي العاجل فِي عَافِيَة لَيْسَ بَيْنك وَبَين ذَلِك إِلَّا أَن تقدم عَلَيْهِم وَلَك فِي الْقدوم عَلَيْهِم الْأجر فِي كل ظمأ ومخمصة وَفِي قطع كل وَاد وَفِي كل نَفَقَة حَتَّى تقدم عَلَيْهِم فَإِذا قدمت عَلَيْهِم كَانَ الْأَمْن والعافية وَالصَّلَاح وَالْفَتْح وَلست آمن إِن أيسوا من قبولك الصُّلْح مِنْهُم أَن يَتَمَسَّكُوا بحصنهم فيأتيهم عَدو لنا ويأتيهم مِنْهُم مدد فَيدْخل على الْمُسلمين بلَاء وَيطول بهم حِصَار فَيُصِيب الْمُسلمين من الْجهد والجوع مَا يصيبهم وَلَعَلَّ الْمُسلمين يدنون من حصنهمْ فيرشقونهم بالنشاب