الانس الجليل (صفحة 179)

فَرَمَوْهُ فِي الْبَحْر (فلتقمه الْحُوت وَهُوَ مليم وَسَار بِهِ) الْآيَة وَكَانَ من شَأْنه مَا أخبر الله عَنهُ فِي كِتَابه الْعَزِيز وَمُلَخَّص قصَّته إِن الْحُوت التقمه وَكَانَ يُونُس يسبح على قلب الْحُوت والحوت يَقُول يَا يُونُس اسمعني تَسْبِيح المغمومين وَهُوَ يَقُول (لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين) فَتَقول الْمَلَائِكَة إلهنا وَسَيِّدنَا إِنَّا نسْمع تَسْبِيح مكروب كَانَ لَك شاكراً اللَّهُمَّ فارحمه فِي غربته وكربته قَالَ الله تَعَالَى (وَذَا النُّون إِذْ ذهب مغاضاً فَظن إِن لن نقدر عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَات إِن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين) يَعْنِي ظلمَة الْبَحْر وظلمة بطن الْحُوت قَالَ الله تَعَالَى (فلولا إِنَّه كَانَ من المسبحين للبث فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يبعثون) وَرُوِيَ إِنَّه مَا أَقرَأ هَذِه الْآيَة مكروب إِلَّا زَالَ كربَة وَهِي فِي سُورَة الْأَنْبِيَاء وَاخْتلفُوا فِي مد لبثه فَمنهمْ من قَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقيل ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا انْقَضتْ الْمدَّة الَّتِي قدرهَا الله لَهُ أَمر الْحُوت إِن يردهُ إِلَى الْموضع الَّذِي أَخذه مِنْهُ فشق ذَلِك عل الْحُوت لاستئناسه بِذكر الله تَعَالَى قيل لَهُ أقذفه فقذفه فِي السَّاحِل فَذَلِك قَوْله تَعَالَى (فنبذناه بالعراء وَهُوَ سقيم) وَاسم الْحُوت النُّون وَخرج يُونُس مثل الفرخ المنتوف وَقد ذهب بَصَره وَهُوَ لَا يقدر على الْقيام فأنبت الله شَجَرَة من يَقْطِين لَهَا أَرْبَعَة لاف غُصْن فَكَانَت فرَاشه وغطاءه وَأمر الله الظبية فَجَاءَتْهُ وأرضعته حَتَّى قوى وَهَبَطَ عَلَيْهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَسلم عَلَيْهِ وَأمر يَده عل رَأسه وَجَسَده فأنبت الله لحيته ورد عَلَيْهِ بَصَره وَأوحى الله إِلَيْهِ بِإِيمَان قومه حِين رَأَوْا الْعَذَاب ثمَّ هَبَط إِلَيْهِ ملك وَدفع إِلَيْهِ حلتين وَقَالَ سر إِلَى قَوْمك فَإِنَّهُم يتمنونك فاتزر بِوَاحِدَة وارتد الْأُخَر وَسَار يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام وَاجْتمعَ بِزَوْجَتِهِ وولديه قبل وُصُوله إِلَى قومه ثمَّ وصل الْخَبَر إِلَى قومه بوصوله لَهُ فَوَثَبَ الْملك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015