فَاسْتَقْبلهُ خَاتمه فِي جوفها فَأَخذه وَجعله فِي يَده فَرد الله تَعَالَى عَلَيْهِ ملكه وبهاءه فَوْقه سَاجِدا شكرا فعكفت عَلَيْهِ الطير والوحوش والأنس وَالْجِنّ وَأَقْبل عَلَيْهِ النَّاس وَعرف الَّذِي كَانَ دخل عَلَيْهِ لما أحدث فِي دَاره فَرجع إِلَى ملكه وَأظْهر التَّوْبَة من ذَنبه وَأمر الشَّيَاطِين فَقَالَ أئتوني بصخر فطلبته الشَّيَاطِين حت أَخَذته فَأتي بِهِ فجَاء لَهُ بصخرة فَأدْخلهُ فِيهَا ثمَّ سد عَلَيْهِ بِأُخْرَى ثمَّ أوثقها بالحديد والرصاص ثمَّ أَمر بِهِ فقذف بِهِ الْبَحْر هَذَا حَدِيث وهب وَحكي غير ذَلِك وَأشهر الْأَقَاوِيل إِن الْجَسَد الَّذِي ألْقى على كرسيه هُوَ صَخْر الجني فَذَلِك قَوْله عز وَجل (وألقينا عل كرسيه جسداً ثمَّ أناب) أَي رَجَعَ إِلَى ملكه بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا (فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ رب أَغفر لي وهب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي) يُرِيد هَب لي ملكا لَا تسلبنيه فِي بَاقِي عمري وتعطيه غَيْرِي كَمَا سلبتنيه فِيمَا مضى (إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب) قيل سَأَلَ ذَلِك ليَكُون آيَة لنبوته وَدلَالَة عل رسَالَته ومعجزة لَهُ وَقيل سَأَلَ ذَلِك ليَكُون علما عل قبُول تَوْبَته حَيْثُ أجَاب الله دعاءه ورد إِلَيْهِ ملكه وَزَاد فِيهِ وَقَالَ مقَاتل كَانَ سُلَيْمَان ملكا وَلكنه أَرَادَ بقوله (لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي) تسخير الرِّيَاح وَالطير وَالشَّيَاطِين بِدَلِيل مَا بعده وروى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صل الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن عفريتاً من الْجِنّ تفلت البارحة ليقطع عَليّ صَلَاتي فأمكنني الله مِنْهُ فَأَخَذته فَأَرَدْت إِن أربطه إِلَيّ سَارِيَة من سواري الْمَسْجِد حَتَّى تنظروا إِلَيْهِ كلكُمْ فَذكرت دَعْوَة أخي سُلَيْمَان (رب أَغفر لي وهب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي فرددته خاسئاً) وَلما رد الله على سُلَيْمَان ملكه وبهاءه وحامت عَلَيْهِ الطير وَعرف النَّاس إِنَّه سُلَيْمَان قَامُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ مِمَّا صَنَعُوا فَقَالَ مَا أحمدكم عل عذركم وَلَا ألومكم على مَا كَانَ مِنْكُم هَذَا أَمر كَانَ لَا بُد مِنْهُ