إلهنا وَاحِدًا لَا إِلَه إِلَّا أَنْت ائْتِنِي بِعَرْشِهَا وَقيل إِنَّمَا هُوَ سُلَيْمَان قَالَ لَهُ عَالم من بني إِسْرَائِيل - آتَاهُ الله علما وفهماً - (أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك) قَالَ سُلَيْمَان هَات قَالَ أَنْت النَّبِي وَلَيْسَ أحد عِنْد الله أوجه مِنْك فَإِذا دَعَوْت إِلَيْهِ وطلبته كَانَ عنْدك قَالَ صدقت فَفعل ذَلِك فجيء بالعرش فِي الْوَقْت وَقَوله (قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك) قَالَ سعيد بن جُبَير يَعْنِي من قبل أَن يرجع إِلَيْك أقْصَى من تَرَ وَهُوَ أَن يصل إِلَيْك من كَانَ مِنْك على مد بَصرك وَقيل غير ذَلِك (فَلَمَّا رَآهُ - يَعْنِي سُلَيْمَان الْعَرْش - مُسْتَقرًّا عِنْده - مَحْمُولا إِلَيْهِ من هَذِه الْمسَافَة الْبَعِيدَة فِي قدر ارتداد الطّرف - قَالَ هَذَا من فضل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ نعْمَته أم أكفر - فلأشكرها - وَمن شكر فَإِنَّمَا يشْكر لنَفسِهِ) أَي يعود نفع شكره عَلَيْهِ وَهُوَ أَن يسْتَوْجب بِهِ تَمام النِّعْمَة ودوامها لِأَن الشُّكْر قيد النِّعْمَة الْمَوْجُودَة وصيد النِّعْمَة المفقودة (وَمن كفر فَإِن رَبِّي غَنِي) عَن شكره وكريم بَالا فضال عل من يكفر نعْمَته (قَالَ سُلَيْمَان نكروا لَهَا عرشها) أَي سريرها إِلَى حَال تنكره إِذا رَأَتْهُ فَقيل جعل أَسْفَله أَعْلَاهُ وَعَكسه وَجعل مَكَان الْجَوْهَر الْأَحْمَر الْأَخْضَر وَعَكسه (نَنْظُر أتهتدي - إِلَى عرشها فتعرفه - أم تكون من الْجَاهِلين) الَّذين لَا يَهْتَدُونَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا حمل سُلَيْمَان على ذَلِك أَن الشَّيَاطِين خَافت أَن يَتَزَوَّجهَا سُلَيْمَان فتفشي إِلَيْهِ أَمر الْجِنّ لِأَن أمهَا كَانَت جنية وَإِذا ولدت ولدا لِسُلَيْمَان لَا ينفكوا من تسخيرهم لِسُلَيْمَان وَذريته من بعده فأساؤا الثَّنَاء عَلَيْهَا ليزهدوه فِيهَا وَقَالُوا لَهُ إِن فِي عقلهَا شَيْئا وَإِن برجليها شعرًا وَإِن رِجْلَيْهَا كحوافر الْحمار وَإِنَّهَا مشعرة السَّاقَيْن فَأَرَادَ سُلَيْمَان أَن يختبرها فِي عقلهَا فنكر عرشها وَينظر إِلَى قدميها بِبِنَاء الصرح فَلَمَّا جَاءَت لَهَا أهكذا عرشك؟ قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ عَرفته وَلَكِن شبهت عَلَيْهِم كَمَا شبهوا عَلَيْهَا لم تقل نعم خوفًا من التَّكْذِيب فَقَالَت كَأَنَّهُ هُوَ فَعرف سُلَيْمَان كَمَال عقلهَا حَيْثُ لم تقر وَلم تنكر وَحكي غير ذَلِك