الانس الجليل (صفحة 134)

دمعه لَيْلًا وَنَهَارًا وَكَانَ قد أصَاب الخطئية وَهُوَ ابْن سبعين سنة فقسم الدَّهْر بعد تِلْكَ الخطئية عل أَرْبَعَة أَيَّام جعل يَوْمًا للْقَضَاء بَين النَّاس وَيَوْما لنسائه وَيَوْما يسبح فِي الفيافي وَالْجِبَال والسواحل والاوعار وَيَوْما يَخْلُو فِي دَاره لَهُ فِيهَا أَرْبَعَة آلَاف محراب فيجتمع إِلَيْهِ الرهبان فينوح مَعَهم على نَفسه وهم يساعدونه عل ذَلِك فَإِذا كَانَ يَوْم سياحته يخرج فِي الفيافي فيرفع صَوته بالمزامير فتبكي مَعَه الْأَشْجَار والاعار والرمل وَالطير والوحوش حَتَّى يسيل من دموعهم مثل الْأَنْهَار ثمَّ يَجِيء إِلَى الْجبَال فيرفع صَوته بالمزامير فيبكي وتبكي مَعَه الْجبَال وَالْحِجَارَة وَالطير وَالدَّوَاب حَتَّى تسيل الأودية من بكائهم ثمَّ يَجِيء إِلَى السَّاحِل فيرفع صَوته فيبكي وتبكي مَعَه الْحيتَان ودواب الْبَحْر وطير المَاء وَالسِّبَاع فَإِذا أَمْسَى رَجَعَ فَإِذا كَانَ يَوْم نوحه على نَفسه نَادَى مناديه إِن الْيَوْم يَوْم نوح دَاوُد على نَفسه فليحضر من يساعده فَيدْخل الدَّار الَّتِي فِيهَا المحاريب فيبسط لَهُ ثَلَاثَة فرش من مسوح حشوها لِيف فيجلس عَلَيْهَا وَيَجِيء أَرْبَعَة آلَاف رَاهِب عَلَيْهِم البرانس وَفِي أَيْديهم العصي فَيَجْلِسُونَ فِي تِلْكَ المحاريب ثمَّ يرفع دَاوُد صَوته بالبكاء والتنوح عل نَفسه وَيرْفَع الرهبان مَعَه أَصْوَاتهم فَلَا يزَال يبكي حَتَّى تغرق الْفرش مكن دُمُوعه وَيَقَع دَاوُد فِيهَا مثل الفرخ يضطرب فَيَجِيء ابْنه سُلَيْمَان فيحمله فَيَأْخُذ دَاوُد من تِلْكَ الدُّمُوع بكفيه ثمَّ يمسح بهَا وَجهه وَيَقُول يَا رب اغْفِر مَا ت فَلَو عدل بكاء دَاوُد ببكاء أهل الدُّنْيَا لعدله قَالَ وهب مَا رفع دَاوُد رَأسه حَتَّى قَالَ لَهُ الْملك ناول أَمرك ذَنْب وَآخره مَعْصِيّة أرفع رَأسك فَرفع رَأسه فَمَكثَ حَيَاته لَا يشرب مَاء إِلَّا مزجه بدموعه وَلَا يَأْكُل طَعَاما إِلَّا بله بدموعه وَذكر الاوزاعي مَرْفُوعا إِلَى الرَّسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن مثل عَيْني دَاوُد كالقربتين ينطفان مَاء وَلَقَد خدت الدُّمُوع فِي وَجهه كخديد المَاء فِي الأَرْض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015