وَلما فرغ من وَصيته أُوحِي الله إِلَيْهِ إِنِّي قَابض روحك وَذكره بِمَا أنعم عَلَيْهِ من النُّبُوَّة والرسالة والتكليم فاعترف بِنِعْمَة الله وحمده وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ نزل عَلَيْهِ ملك الْمَوْت وَهُوَ جَالس يَتْلُو التَّوْرَاة فَسلم عَلَيْهِ وَقبض روحه الشريف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أرسل الله ملك الْمَوْت إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا جَاءَهُ صَكه ففقأ عينه فَرجع إِلَى ربه عز وَجل وَقَالَ يَا رب أرسلتني إِلَى عبد لَا يُرِيد الْمَوْت قَالَ فَرد الله إِلَيْهِ عينه وَقَالَ لَهُ ارْجع إِلَيْهِ وَقل لَهُ يضع يَده على متن ثَوْر فَلهُ بِكُل مَا غطت يَده بِكُل شَعْرَة سنة فَجَاءَهُ وَقَالَ لَهُ ذَلِك فَقَالَ يَا رب ثمَّ وَمَا بعد ذَلِك؟ قَالَ ثمَّ الْمَوْت فَقَالَ الْآن فَسَأَلَ الله أَن يدينه من الأَرْض المقدسة برمية حجر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَو كنت لَأَرَيْتُكُمْ قَبره إِلَى جَانب الطَّرِيق عِنْد الْكَثِيب الْأَحْمَر وَكَانَت وَفَاته فِي التيه فِي السَّابِع شهر آذار لمضي ألف وسِتمِائَة وست وَعشْرين سنة من الطوفان وَكَانَ مَوته بعد أَخِيه هَارُون بِإِحْدَى عشرَة سنة وَقيل غير ذَلِك وَكَانَ هَارُون أكبر من مُوسَى بِثَلَاث سِنِين وعاش مُوسَى مائَة وَعشْرين سنّ وَنزل عَلَيْهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَرْبَعمِائَة مرّة وَكَانَ جملَة مقَام بني إِسْرَائِيل بِمصْر حِين أخرجهم مُوسَى مِائَتَيْنِ وَخَمْسَة عشر سنة وَبَين وَفَاة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَالْهجْرَة الشريف النَّبَوِيَّة أَلفَانِ وثلاثمائة وثمان وَأَرْبَعُونَ سنة عل اخْتِيَار المؤرخين وَقد مض من الْهِجْرَة الشَّرِيفَة إِلَى عصرنا تِسْعمائَة سنة كَامِلَة فَيكون الْمَاضِي من وَفَاة مُوسَى إِلَى آخر سنة تِسْعمائَة من الْهِجْرَة الشَّرِيفَة ثَلَاثَة آلَاف وَمِائَتَيْنِ وثمانياً وَأَرْبَعين سنة وَمَات مُوسَى وَلم يعرف أحد من بني إِسْرَائِيل أَيْن قَبره وَلَا أَيْن توجه فماج النَّاس فِي أمره وَلَبِثُوا كَذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام لَا ينامون اللَّيْل فَلَمَّا كَانَ ثَالِث لَيْلَة غشيتهم سَحَابَة على قدر بني إِسْرَائِيل فَسَمِعُوا مِنْهَا منادياً يَقُول بِأَعْلَى صَوته مَاتَ مُوسَى وَأي نفس لَا تَمُوت وَلم يزل يُكَرر ذَلِك القَوْل حَتَّى فهمه النَّاس كلهم