الحكم الثَّابِت بِالْخِطَابِ الْمُتَقَدّم، وَلَا شكّ أَن لَوْلَا الْخطاب الثَّانِي. لَكَانَ الْعَمَل على الأول؛ لِأَن النّسخ ضد الحكم السَّابِق وَهُوَ: الْمَنْسُوخ.
وَقَوله: " الدَّال على رفع الحكم الثَّابِت " احْتِرَازًا عَن الْعَجز للْقِيَام فِي الصَّلَاة، أَو بِالْمرضِ عَن الصَّوْم، فَلَا يُقَال لهَذَا الْعَجز نسخا للْقِيَام الثَّابِت بالحكم الْمُتَقَدّم، وَلَا للصَّوْم، بل إِنَّمَا هُوَ سَبَب طَرَأَ على الحكم الثَّابِت.
وَقَوله: " على وَجه لولاه لَكَانَ ثَابتا " أَي: لَوْلَا الثَّانِي لَكَانَ الأول ثَابتا وَالله أعلم.
قَالَ: (وَيجوز نسخ الرَّسْم وَبَقَاء الحكم، وَنسخ الحكم وَبَقَاء الرَّسْم، والنسخ إِلَى بدل، وَإِلَى غير بدل، وَإِلَى مَا هُوَ أغْلظ، وَمَا هُوَ أخف مِنْهُ) .
أَقُول: لما فرغ من تَعْرِيف النّسخ لُغَة وَاصْطِلَاحا: شرع فِي بَيَان صور تتَعَلَّق بالنسخ:
أَحدهَا: نسخ الرَّسْم من الْمُصحف فَلَا تتلى فِيهِ مَعَ بَقَاء حكمهَا مثل: قَوْله تَعَالَى: " الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا " فَكَانَت قِرَاءَة تقرى، فنسخت قِرَاءَة وَكِتَابَة، مَعَ بَقَاء حكمهَا وَهُوَ الرَّجْم.