النظر الأول: في تقسيم أهل البغي وأحوالهم
المخالفون على الجماعة ضربان:
* ضرب امتنعوا عن أداء الحقوق، ونزعوا أيديهم من الطاعة؛ فسقاً، ومجوناً، واجتراءً على حدود الله، من غير أن يُنَصِّبوا إماماً، ولا يعتقدوا طاعة، فهؤلاء أهل كبيرةٍ، ومنكرٍ ظاهرٍ يجب تغييره، (فإن لم) (?) تنفع في ذلك موعظتهم وتذكيرهم بالله -تعالى-، وتخويفهم من عقابه، ولم يمكن حملهم على منهج الشرع إلا بقتالهم، ولم يكن قتالهم يؤول إلى فتنة يُتّقى فيها من تفاقم الأمر، والانجرار إلى ما هو أفجر وأنكر من الأول؛ فواجبٌ مقاتلتهم على ذلك؛ حتى يفيئوا إلى أمر الله: يرجعوا إلى الحقِّ، وأداء ما لزمهم، وينزعوا عن باطلهم. والدليل على ذلك ما تقدم من الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فقوله -تعالى-: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] ، وأما السنة: فقوله - صلى الله عليه وسلم -: « ... فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن» (?) ، وأما الإجماع: ففي
** والضرب الثاني: من خالف على إمام المسلمين، فعقدوا البيعة لآخر، يزعمون أنه أحق، وهذا الضرب له حالتان:
فالواحدة: أن تكون الإمامة قد صَحَّت وانعقدت بتمام البيعة لرجل عَدْلٍ، مستوفٍ شروط الإمامة، فيخرج عليه بعض من بايعه.