والأخرى: أن يفترق الناس فرقتين، فيعقد كل فريق الإمامة لرجلٍ منهم، ويدعو كلٌّ إلى حزبه.

فأما الحالة الأولى، حيث يخرج على الإمام العدل بعض من بايعه (?) ، يدَّعي أنه أحق بالأمر منه، أو يزعم أنه أنكر على الإمام أمراً من الباطل والجور، وما أشبه ذلك من ضروب التأويل التي يدعيها أمثال هؤلاء، أو يكون طالبَ دنيا فقط، أو متعصِّباً لباطل، وما أشبه ذلك، فيجب في أهل التأويل على الإمام العادل أن ينظر فيما ذكروا أنهم أنكروا عليه، فإن صحَّ ما زعموه من ظلم وباطل، أو جَوْرٍ، وغير ذلك من شيء أنكروه، مما لعله غفل عنه، أو غلط فيه، ونحو ذلك من وجوه الإمكان التي لا تستحيل على البشر، فها هنا يَتَعيَّنُ عليه الرجوع إلى صواب ما أوجبه الشرع من الحق. قال الله -تعالى-: {يا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26] . فإذا رجع عن ذلك، ووجب عليهم العود فلم يفعلوا، أو كان ما نسبوه إليه، أو أوَّلوه عليه باطلاً، أو كانوا إنما يطلبون المال، أو تعصباً، أو غير ذلك من أنواع الباطل، ثم وعظهم فلم يتعظوا، وخَوَّفهم فلم ينزجروا؛ فواجبٌ عند ذلك قتالهم، وعلى الناس المعونة لإمامهم العدل على هؤلاء، حتى

يراجعوا الحق (?) .

فقال الشافعي (?) : إذا كان لأهل البغي جماعة تكثر، واعتقدوا ونصبوا إماماً، وأظهروا حكماً، وامتنعوا من حكم الإمام العادل، فهذه هي الفئة الباغية، فينبغي إذا فعلوا هذا أن يسألهم: ما نقموا؟ فإن ذكروا مظلمةً بيِّنةً رُدَّت، وإن لم يذكروها، قيل لهم: عودوا. فإن فعلوا قُبِلَ منهم، وإن لم يجيبوا قوتلوا بعد أن يدعوا.

خرَّج مسلم (?) ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015