فهنالك لا يدخلُ فيه هؤلاء الأصناف الذين ذكر ابن عبد البر؛ لضعفهم؛ وقلَّة المؤنة في قتلهم، فلا يكون السَّلَبُ لقاتلهم على هذا الوجه عند من رآه، والله أعلم.
* مسألة:
اعترض من لم يَرَ السَّلَبَ يجب للقاتل حُكْماً مشروعاً ومِلْكاً مختصاً، بأن قالوا: لو كان ذلك كذلك للقاتل؛ لكانت الأسلاب في الغنائم -إذا لم يُعرف قاتلوا أهلها- مُوقَفَةً كاللقطَة، ولم يكن فيها حقٌّ للغانمين في القسم، وهذا لا يلزم؛ لوجهين:
أحدهما: ما ذكره أبو محمد بن حزم (?) ، قال: «إنَّ كلَّ مال لا يُعرف صاحبه؛ فهو في مصالح المسلمين، وكلَّ سلَبٍ لا (?) تقوم
لقاتِلهِ بيِّنةٌ؛ فهو في جملة الغنيمة، بحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» .
قلت: والوجه الثاني: إنَّ مستحقَّ السَّلَبِ وإن لم يُعرف بعينهِ، فهو من جملة الجيش بيقين، فلو وقف ذلك، أو صُرِف في مصالح المسلمين غيرهم، لكان قد صُرف حقُّ القاتل إلى غيره بيقين، مع إمكان التوصُّلِ إليه، وليس وجه القضاء في ذلك إلاَّ قسمه في سائر الجيش؛ لأنه مُنحصرٌ فيهم، وغيرُ متميزٍ عنهم، كالشيء يكون في أيدي المتداعين من غير بيِّنةٍ (?) ، ولا يخلوا هذا الوجه من اعتراض عليه، والأول أصح؛ ولأنه -أيضاً- إجماع.